تاريخ النشر2010 12 July ساعة 15:01
رقم : 20612

قراءة فى كتاب محمد سليم الحوا / العلاقة بين السنة والشيعة

قراءة فى كتاب محمد سليم الحوا / العلاقة بين السنة والشيعة


وكالة انباء التقريب
ان غاية التقريب والحوار بين المذاهب الإسلامية تتمثل في بقاء الجسم الإسلامي حيًّا متماسكًا قويا كالبنيان المرصوص، بحيث نستطيع أن نواجه كل عدو، كما قال تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ) [الأنفال-۶۰]..

فالتمسك بالتعددية الإسلامية -مع الاحترام المتبادل لكل ذي رأي وفكر- هو أساس القوة، أما محاولة فرض الرأي والفكر على الآخر بالقوة والقهر فهو سبيل الضعف والموت، ولذلك فواجبنا أن نرفع شعار الوحدة الإسلامية، وأن نحقق قول الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كنتمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران-۱۰۳].

هذا ما خلص إليه الدكتور "محمد سليم العوا" المفكر الإسلامي، من خلال كتابه "العلاقة بين السنة والشيعة" الصادر عن "دار سفير الدولية" بالقاهرة عام ۲۰۰۶، والذي كان في الأصل محاضرة القاها الكاتب في نقابة الصحفيين المصرية.

التعارف مع التقارب
بيّن الدكتور "العوا" أن الإسلام دعا الناس جميعًا إلى التعارف، حين قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) [الحجرات-۱۳]. ولذلك فمن الضروري أن تتعارف الطائفتان الكبيرتان المكونتان لمجموع المسلمين على وجه عام، اى السنة والشيعة.
ويفرق الدكتور "العوا" في هذا الكتاب بين المذهب (الذي يعني كل بناء فقهي يتناول مسائل الحلال والحرام، والواجب والممنوع والمباح)، وبين الفرقة (التي تعني كل جماعة من المسلمين اتخذت لنفسها مذهبًا في بعض العقائد الكلية أو التفصيلية يميزها عن غيرها من المسلمين).
ويؤكد العوا فى قسم آخر من كتابه على أهمية الحوار مع الشيعة (يعني الشيعة الإمامية الإثنا عشرية أو الجعفرية، وهي الفرقة التي ينتمي إليها شيعة إيران والعراق ولبنان وسوريا ودول الخليج كافة)؛ لأن هذه الطائفة هي التي يحدث نشاط أتباعها السياسي والجهادي أكبر الأثر في الإسلام اليوم، مشيرا إلى أن هناك قواسم مشتركة كثيرة بين السنة والشيعة، أهمها: الإيمان بالله ربا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيا ورسولاً، فضلا عن التزام كليهما بالأحكام العملية من صلاة وصيام وزكاة وحج، والتسليم بكل ما جاء من عند الله، فلا يخالف مسلم سني أو شيعي في أن ما بين الدفتين من سورة الفاتحة إلى سورة الناس هو كلام الله المنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- بلا خلاف بين أحد على حرف من كلام الله تعالى.
 ويشير  العو ايضا الى الملاحظات التي يطرحها بعض علماء السنة على الشيعة الامامية ويرد عليها قائلا :

۱- " أما القول بأن الشيعة يعتقدون أن القرآن محرف بالنقص منه، فمردود عليه من علماء من الشيعة أنفسهم. وعن مصحف فاطمة فقد ذكر الإمام "جعفر الصادق" أن ما فيه ليس قرآنا، وإنما هو تفسير مما جاء به جبريل عليه السلام، وأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم. ويوضح الشيعة أن كلمة "مصحف" في اللغة هي اسم لما جمع بين دفتي كتاب، مكتوبًا في صحف، وهي كلمة محدثة ليست من أسماء القرآن أصلاً، وعلى هذا فتسميتهم له بالمصحف ليست من باب وصف ما فيه بأنه من القرآن، ويقطع بذلك أننا لا نجد بين أيدي الشيعة ولا في مكتباتهم مصحفًا غير مصحف سائر المسلمين".
۲- قضية الإمامة/ " أما الأمور التي فيها اختلاف، فمثل اعتقاد الشيعة أن الإمامة منصب إلهي يثبت لصاحبه بالنص، من النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب، ثم من كل إمام من بعده إلى أن يصل إلى الإمام الثاني عشر "محمد بن الحسن العسكري المهدي المنتظر وأهل السنة فلا يقرون بهذه العقيدة، ويرون أنه لا نص فيها، وهي عندهم (أي الإمامة) من مسائل الفروع الفقهية، وليست من مسائل الاعتقاد".
۳- اعتقاد الشيعة بأن المهدي المنتظر هو الإمام "محمد بن الحسن العسكري" -وهو الإمام الثاني عشر من أئمتهم- سيعود في آخر الزمان ليملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جورًا، في حين يرى أهل السنة أن المهدي سيظهر في آخر الزمان ليجدد أمر الدين، وهم يعتقدون في مهديهم العصمة، خلافًا لاعتقاد أهل السنة، فلا معصوم لديهم سوى الأنبياء".
۴- "اختلاف آخر يتمثل في مسألة التقية التي يؤمن بها الشيعة الإمامية، وهي تعني بشكل عام أن يضمر المسلم غير ما يعلن، دفاعًا عن نفسه واتقاءً لخطر لا يقدر على دفعه. وهم يؤسسون لها بناءً على قول الله تعالى: (لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) [آل عمران-۲۸] ". 
السياسة أصل الفرقة : " لقد كانت أسباب الفرقة بين المسلمين في بادئ الأمر سياسية، وفي العصر الحديث كانت الفرقة سياسية أيضًا؛ لأنها بدأت بعد الثورة الإيرانية التي أيدها كثير من الشعوب الإسلامية، في حين وقف ضدها كثير من الحكام. ثم كانت الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت حتى ۱۹۸۹، ولم يكن القتال فيها سنيًّا شيعيًّا، ولكنه ألبس هذا الثوب ظلمًا وعدوانًا، وافترق الشعب العربي بسبب هذه الحرب إلى فرقتين: فرقة تؤيد العرب، وفرقة ترى أنها حرب ضد الدولة الإسلامية التي انتصرت على الشاه. ثم تأتي المقاومة الإسلامية في لبنان، يقودها الحزب الشيعي (حزب الله)، والتي استطاعت أن تخرج الصهاينة في الجنوب اللبناني، ثم كانت الحرب الأخيرة التي حظيت بتأييد المسلمين جميعًا، في حين اختلف الحكام واعتبروها مغامرة غير محسوبة لصالح لبنان، ثم يأتى الملف النووي الإيراني وإدارته باقتدار من جانب الإدارة الإيرانية.... كل هذه الأمور تجعل توحد المسلمين ضرورة؛ ولذا فالدعوة إلى الحوار والتقريب يجب أن تكون بين أهل المذاهب نفسها؛ لأن المذاهب أوضاع فكرية وفقهية مستقرة لا يمكن تغييرها، لكن التعاون والتعارف بين أهلها هو الذي نعنيه بالحوار والتقريب، لتحقيق الوحدة والقوة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية" .

(مأخوذ من منتديات موقع الميزان مع التصرف)
https://taghribnews.com/vdccieqi.2bqxs8aca2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز