تاريخ النشر2015 17 September ساعة 09:47
رقم : 205352

​الأبعاد السياسية للحج

تنا بيروت
الابعاد السياسية والاجتماعية للحج لا تقل اهميتها عن الابعاد المعنوية لهذه الفريضة بل قد تتفوق على المعنى الروحي خاصة اذا ما جرى استثمارها بشكل صحيح .
​الأبعاد السياسية للحج
ابتسام الشامي
افراغ الحج من مضامينه السياسية هدف سعت اليه قوى الاستكبار العالمي باختلاف تسمياتها على مدى العصور والازمنة,فصورة ملايين الحجاج الذين يأتون من كل فج عميق مجتمعين على عبودية الله ونبذ كل عبودية لغيره تثير الرعب في نفوس الاعداء اذا ما اجتمع هؤلاء يوما على تحطيم أصنام القوى الشيطانية التي تعيث في المجتمع الاسلامي تخريبا وتبث في ارجائه كل عوامل الفرقة والتمزيق.

وعلى طريق إبعاد الحاج عن كنه معرفة الابعاد الحقيقية في الوقوف بين يدي الله موحدا والى  جانب اخيه المسلم متوحدا وللشياطين راجما، صدرت الكثير من الفتاوى التي تفرق بين الحج كفريضة عبادية محورها الانسان وعلاقته بخالقه وبين الحج كمؤتمر سنوي يجتمع فيه المسلون من أقطار العالم ويتباحثون فيه شؤونهم ويجدّون فيه للدفاع عن قضاياهم.

وإذا كان من الصحيح أن لهذه الفريضة أبعادها المعنوية وتأثيراتها على كل من يؤديها الا أن الصحيح ايضا أن ابعادها السياسية والاجتماعية لا تقل أهمية بل قد تتفوق على المعنى الروحي خاصة اذا ما جرى استثمارها بشكل صحيح،ولهذا نجد ان رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيت النبوة عليهم السلام جهدوا في تبيان حقيقة الحج.فقد كان رسولنا الاكرم(ص) يجسد الحالة السياسية المفترضة للحج،وغالبا ما يقرنها بفريضة الجهاد،وفي هذا السياق ينقل كتاب "التاج الجامع الاصول" مجموعة من احاديث النبي الكريم بشأن الابعاد المختلفة للحج ومنها قوله (ص): "أفضل الجهاد حج مبرورٌ" ويقول  ايضا "جهاد الكبير والصغير والضعيف والمرأة ، الحج والعمرة",وهناك حديث آخر لخاتم الرسل يقول فيه "وفدُ الله ثلاثة ؛ الغازی و الحاج والمعتمر ".

الابعاد السياسية لفريضة الحج أكد عليها وبيّن مقاصدها أيضا الائمة الاطهار عليهم السلام وفي حديث للامام الصادق (ع) حول فلسفه الحج و رموز تشريع هذه الفريضة يقول عليه السلام : 
" وجعل فيه الاجتماع من المشرق والمغرب ليتعارفوا ولتعرف آثار رسول الله وتعرف أخباره ولا تنسى ولو كان كل قوم إنما يتّكلون على بلادهم وما فيها هلكوا وخربت البلاد وسقطت الجلب والارباح وعُميت الاخبار ولم يقفوا على ذلك وذلك علة الحج ." 

وفي حديث آخر للامام الصادق (ع)يقول فيه"ما من بقعة أحب الى الله من المسعى لأنه يذل فيه كل جبار". 

الى ذلك ينقل التاريخ الاسلامي لنا ايضا ان السلف الصالح من الصحابة و التابعين كان يستغل موسم الحج لخدمة مصالح الاسلام و المسلمين و كانت الكثير من الحركات الشعبية و التحررية قد أعلنت عن وجودها فی موسم الحج و دعت الناس للقيام بوجه الظلام والجبابرة من الحكام باستخدام ايام الحچ وهذا ما قام به الامام الحسين (ع) قبيل توجهه الى كربلاء عندما دعا فی موسم الحج بني هاشم و الشخصيات الكبار من رجال و نساء و من محبي اهل البيت وبين لهم مقاصد واهداف ثورته المباركة.

وفي التاريخ الاسلامي الحديث تصدى بعض العلماء الربانين لتبيان حقيقة مفاهيم الحج ومنهم الامام الخميني (قدس):الذي يقول في مفاهيم الحج" واضح جداً أنَّ في هذا التجمع العالمي العظيم الذي اجتمعت فيه جميع فئات الشعوب الإسلامية المظلومة من كل مذهب وملة ومن أية لغة ومسلك ولون ولكنهم يرتدون زياً واحداً ولباساً متشابهاً بعيداً عن أية زينة وتجمّل، ففي هذا التجمع العالمي إذا لم تحلّ المشكلات الأساسية للإسلام والمسلمين والمظلومين في العالم من كل فرقة وفئة، ولم توقف الحكومات المستكبرة والباطشة عند حدها، فلن‏ تتمكن الاجتماعات الصغيرة الإقليمية والمحلية من القيام بأي عمل ولن نحصل على حل شامل".

بدوره يقول أستاذ الازهر العالم الشيخ محمود شلتوت :"  أن المنافع التی يجلبها الحج للانسان المسلم هی عبارة عن فلسفة اولية لفريضة الحج وإن المفهوم الاعم والاشمل لفريضة الحج لا يمكننا إيجازه فی بعد واحد إطلاق الحصر عليه ولكن فی الحج تتكون شبكة عامة وشاملة تضم جميع المنافع التی يتصورها الفرد منها الشخصية والاجتماعية فإذا كان التقرب لله وتزكية النفس هو الهدف من وراء الحج فإن تبادل الاراء وترسيم الخطوط العريضة للعلم والثقافة ايضا تجلبها مراسم الحج عبر هذا الملتقى العظيم فهی من منافع هذا الاجتماع وإن دعوة المسلمين من جميع انحاء العالم للتجمهر فی نقطة واحدة إسمها مكة لابد أن تكون وراء هذه الدعوة منفعة سامية و المنفعة تتغير عبر تغير الزمان وظروف المسلمين".وفي كلام آخر له في مفاهيم فريضة الحج يقول الشيخ شلتوت:

" إن على أصحاب الفكر والقلم والعقيدة وأهل الايمان وأصحاب الهمم والاهداف النبيلة الاجتماع فی موسم الحج لجعل مكة كندوة يجتمع فيها المسلمون حول راية الاسلام والتوحيد الخفاقة لجمع شمل المسلمين وأن يقوم هؤلاء بالسعی لمعرفة الاخر وأن يقدموا إستشارات وتعاون لبعضهم الاخر,ومن ثم يعودوا ادراجهم نحو بلدانهم وبذلك حصلوا على أهداف تحقيق الوحدة الاسلامية وبذلك توحدت القلوب والمشاعر ... ".
 
https://taghribnews.com/vdcgnn9xxak9zw4.,rra.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز