تاريخ النشر2015 14 January ساعة 08:52
رقم : 179235

إنهيار اسعار النفط وسياسة التقشف في العراق

تنا
تواصل اسعار النفط العالمية منحى الهبوط لتقترب من حاجز ٤٥ دولارا للبرميل (رغم الزيادة الملحوظة على طلب الصين على النفط الشهر الماضي), تسبب للكثير من الدول المنتجة والمصدرة للنفط تحديات صعبة ولكن العراق, ذي الاقتصاد الاحادي الذي يعتمد بالكامل على الايرادات النفطية, يواجه تحديات وظروف اصعب من اي دولة نفطية اخرى.
إنهيار اسعار النفط وسياسة التقشف في العراق

فالعراق اليوم يواجه تنظيم "داعش" الارهابي المدعوم من قبل دول عظمى كأمريكا وبريطانيا ودول اقليمية, كما ان العراق بحاجة الى اعادة بناء قواته المسلحة وزد على ذلك الانفاق الحكومي ورواتب الموظفين وتغطية تكاليف البطاقة التموينية وتوفير المساعدات الانسانية اللازمة والسكن للنازحين حيث ان الامم المتحدة تقدرعدد النازحين والمهجرين في العراق بمليوني شخص.

ومن هذا المنطلق فان انهيار اسعار النفط لمستويات أدنى من ٥٠ دولارا للبرميل, يمثل كارثة امام ميزانية العراق التي تعتمد اساسا وربما باكثر من ٩٠ بالمائة على الايرادات النفطية, وعليه فان على الحكومة الاتحادية ان تقوم بتهيئة الموازنة في ضوء القدرة التصديرية النفطية التي تشهد حالة سيئة حيث قد تصل قدرة التصدير ٦/٢ (اثنين فاصل ستة) مليون برميل من الحقول الجنوبية ومابين ٢٥٠ الى ٤٠٠ الف برميل من حقول كردستان يوميا.

وحسب خبراء, قد يواجه الاقتصاد العراقي أزمة في الربع الأول من عام ٢٠١٥، وهي الدورة الفصلية ‏الرابعة لموازنة العراق الاتحادية من السنة المالية ٢٠١٤، وربما يتطلب ذلك مرونة كبيرة في ‏السياسات الحكومية، ومنها الاستجابة للسياسات التقشفية، وذلك على جميع الوزارات ومؤسسات الدولة من خلال التقليل من المصروفات غير الضرورية.

ويضيف الخبراء ان تنظيم داعش وبعد سيطرته على اجزاء من غرب العراق قام بسرقة النفط من الحقول التي يسيطر عليها وبيعه الى تركيا وهذا من شانه أن يؤثر بشكل كبير على الموازنة العامة للدولة وخاصة الاجور والرواتب.

فعلى الرغم من أن ٨٥% من نفط العراق هو من الحقول الجنوبية، البعيدة عن الاضطرابات الحالية، والبقية يأتي من حقول نفط الشمال، إلا أن ذلك لا يعني أن اقتصاد العراق وصادراته لن تتأثر.

فتدهور الوضع الأمني سيضر بالقدرة الفنية والإدارية على زيادة إنتاج النفط وصادراته في الأجل المتوسط، فضلاً عن أن موازنة الحكومة تتعرض لضغوط جراء ارتفاع الإنفاق على الأمن وجهود الإغاثة.
وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن سعر النفط اللازم لوصول موازنة العراق إلى نقطة التعادل يبلغ ١١١.٢ دولار للبرميل .

جدير بالذكر أن الموازنة العراقية للعام المالي ٢٠١٤ تم وضعها على أساس سعر برميل النفط ٩٠ دولاراً، أي أقل خمسة وأربعين دولارا من سعر البيع الفعلي ومن ثم نجد أن فقدان خمسة واربعين دولارا عن كل برميل ولفترة طويلة تسبب في خسارة الموازنة العراقية مليارات الدولارات والمتوقع أن تستمر مع بقاء أسعار النفط عند مستوياتها الحالية.

ووفقاً لبيانات وزارة المالية العراقية، تعتبر خسائر العراق المالية خلال عام ٢٠١٤ الأعلى منذ عام ٢٠٠٣، إذ تراجع الإنتاج بمقدار ٤٠٠ ألف برميل من آبار نينوى وصلاح الدين وكركوك، أي فقد العراق عوائد تقدر بـ ٤,٣ مليار دولار، يضاف إليها ١٢ مليار بسبب تدهور أسعار النفط العالمية.

بالاضافة الى ذلك فهناك من يقف وراء سرقة وتهريب النفط ومشتقاته بطريقة التحايل على القانون واستغلال ضعف الرقابة وحالة الفوضى الذي خلفها الاحتلال الامريكي و فتح الباب على مصراعيه لاشكال النهب لمقدرات الدولة واهمها الثروة النفطية.

هذه الفوضى سمحت في شمال العراق بأن يبدأ إقليم كردستان عام ٢٠١٢ وبعزلة عن الحكومة الاتحادية في بغداد بتصدير كميات من النفط .

ونظرا للظروف الصعبة الاقتصادية الناتجة عن انهيار اسعار النفط بادرت الحكومة الاتحادية بخطوات للحيلولة دون تفاقم الاوضاع, فأول خطوة كانت الاتفاق بين حكومتي بغداد وأربيل القاضي بقيام الحكومة الاتحادية بتحويل ِ ٥٠٠ مليون دولار إلى حكومة اقليم كردستان فيما تقوم الأخيرة بوضع ِ ١٥٠ ألف برميل نفط خام يوميا بتصرف الحكومة الاتحادية.

الى ذلك رحب بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة باتفاق بغداد وأربيل حول القضايا المتعلقة “بالموازنة العامة وصادرات النفط”، وفيما دعا السلطتين الاتحادية والإقليمية الاستناد الى هذه الخطوة الأولى المهمة” لحل المشاكل العالقة “ دستورياً.

وفي خطوة اخرى وفي الوقت الذي تواجه فيه بغداد ازمة سيولة بسبب انهيار اسعار النفط ومحاربة تنظيم داعش الارهابي, اقدمت الحكومة العراقية على تاجيل دفعة أخيرة قيمتها ٤.٦ مليار دولار من التعويضات المتعلقة باحتلال النظام البائد للكويت في عامي ١٩٩٠ و١٩٩١ .

مع اتجاه الاقتصاد العراقي حاليا نحو التقشف والانكماش, للمرة الأولى منذ الغزو الأمريكي في ٢٠٠٣ ووضع نهاية لعقوبات استمرت أكثر من عشر سنوات يواجه العراق صعوبة في تحويل جزء كبير من موازنة عام ٢٠١٥ لسداد هذه الدفعة الأخيرة من التعويضات.

وبغض النظر عن تحديات الجماعات الارهابية والعراقيل التي يواجهها العراق جراء هبوط اسعار النفط الا انه يعتبر تكاليف الحرب على الإرهاب، ودفع أجور موظفي الدولة والمؤسسات المرتبطة بها من الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها.

وفي نفس السياق ومن اجل التنفيس عن الوضع الاقتصادي الذي لايحسد عليه, صرح عادل عبد المهدي وزير النفط العراقي في مؤتمر صحفي بالقاهره التي زارها ضمن الوفد العراقي برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي صرح ان مصر تريد شراء اربعة ملايين برميل نفط شهريا اي مايعادل نحو ١٣٣ ألف برميل يوميا.

وأضاف أن "المباحثات حول هذا الأمر لا تزال جارية، خصوصا أن مصر طلبت تمديد فترة الدفع لتصبح خلال ٢٧٠ يوما من تسلم الشحنات، بينما يريد العراق أن تكون مدة الدفع خلال ٩٠ يوما".

ويرى مراقبون ان الحكومة العراقية باتخاذها بعض السياسات التقشفية وبدعم بعض الدول, قادرة على تجاوز الاوضاع الراهنة الناتجة جراء هبوط اسعار النفط.

إعداد : محمد حسين صدر فراتي
https://taghribnews.com/vdcgwy9qnak9ux4.,rra.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز