تاريخ النشر2010 14 December ساعة 10:05
رقم : 33909

قراءة معاصرة لنهضة الإمام الحسين (ع)

لابد ان نستلهم الدروس من النهضة الحسينية وكأني به ( عليه السلام ) ينادي المسلمين الآن إتحدوا، عودوا إلى النهج القرآني، لا تتفرقوا، إصرفوا طاقاتكم ضد أعداء الدين.
قراءة معاصرة لنهضة الإمام الحسين (ع)
 وكالـة انبـاء التقريـب (تنـا)
مع اقتراب ذكرى عاشوراء التقى مراسل وكالة أنباء التقریب (تنا) بالباحث الاسلامي السوري والمتخصص في الشؤون التاريخية الأستاذ الدكتور سهيل زكار  وأجرى معه اللقاء التالي :
 
س- فضيلة الدكتور نود أن نسمع منكم اليوم قراءة معاصرة لنهضة الإمام الحسين (ع) ؟
ج- بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وعلى أصحابه الذين أخذوا بهداه وبعد:
في التاريخ حوادث كثيرة جداً بعضها قد تكتفي مرة واحدة بالبحث ولا تعاود ذلك مرة أخرى وبعضها يمكنك بين آونة وأخرى أن تتناولها بالبحث لتكتشف جوانب جديدة وتلقي إضاءات مهمة وطبعاً يتعلق الأمر ببطل الحادثة وما مثله من مطالب أو رسالة أو غير ذلك وينطبق هذا تماماً على النهضة الحسينية وما حدث في كربلاء، ومن بعد ذلك ما لحق من مآسي بآل بيت النبي (ص) الكرام ثم اجتياح المدينة المنورة وحصار مكة وقذف الكعبة الشريفة بحجارة المنجنيق.
 
وفي هذه الأيام لدى البحث في هذه المسألة نجد أنفسنا وقد لُبيت ما نشعر به وما نحتاج إليه، نحن نحتاج اليوم إلى توحيد المسلمين نحتاج إلى المثل الأعلى في الجهاد في سبيل الإسلام، نحتاج إلى المثل الأعلى في الشهادة والصبر على الإبتلاء، والجميع يعرف ما يعانيه المسلمون من الصهيونية والصليبية العالمية وما يعانيه من تمزق وضغائن وتعصب بلغ إلى حد إيثار التعاون
مع الكفر ضد المسلمين، من هذه المنطلقات يمكن أن نعاود البحث في النهضة الحسينية وأنا شخصياً أؤثر استخدام إصطلاح النهضة على الثورة لأن الثورة قد تكون وراءها قوى معارضة لنظام تود تغييره لكن الإمام الحسين (رض) لم يكن معترفاً بالنظام الذي مثله يزيد بن معاوية، فهو على هذا لم يمثل حركة معارض وإنما نهض بأعباء رسالة جده المصطفى (ص) لا سيما وقد دعي للنهوض وما كان يسعه إلا النهوض.
 
على مسرح الأحداث نجد من الجانب الممثل للرسالة الإسلامية الإمام الحسين(ع) ونجد من الجانب السلطوي طاغية متسلطاً ورث السلطة عن مغتصب لها، وكانت هناك إنحرافات كثيرة قد حصلت في تلك أيام في بلاد الشام حوالي نصف قرن تعلم السياسة والأفكار السياسية والإدراية في هذه البلاد على أيدي مسشارين كانوا من قبل رجال الإدارة في الإمبراطورية البيزنطية التي تعاملت مع الدين كأداة تخدم السياسة، فهو حوّل المسلمين من مواطنين على أساس الإنتماء إلى الإسلام إلى رعية وهذا مفهوم بيزنطي، في حين أن المفهوم الإسلامي قائم على أن يتولى الإمام بعد النبي (ص) تطبيق الشريعة والإلتزام بها والوقوف ضد المتهاونين فيها مثل المرتدين وسواهم، فالشريعة هنا هي الأساس لكل مناحي الحياة بما في ذلك العمل السياسي.
 
من الممكن عندما ننظر بشكل إجمالي إلى ما حدث بعد صفين إلى أن السلطة الأموية مارست نوعاً من أنواع الردة على الإسلام، ومعلوم من كان الذي أمر بقتل "حجر بن عدي" ورفاقه ودس السم إلى الإمام الحسن بن علي (رضي الله عنهما) ودس السم إلى "الأشتر النخعي" وكان وراء قتل "محمد بن أبي بكر" لا بل هومتهم بإغتيال "عبد الرحمن بن خالد بن الوليد" وغيرهم من الشخصيات وطبعاً هو الذي وجه قواته لتقوم بالغارات ولا سيما ما أقترفه بسر بن أرطاه، وعندما جاء يزيد أكمل مشروع الردة السلطوي
هذا فأقدم على خرق حرمات الإسلام وكانت الحرمة الأولى آل البيت والثانية المدينة والثالثة مكة وكان من بين أهداف يزيد الهدف الأموي القديم بالتصفية الجسدية لبني هاشم أو بالأحرى لبني عبد المطلب وهذا كان قد بدأ منذ شعب أبي طالب ووصل المشروع الآن إلى الذروة مع يزيد.
 
إنما على الرغم من ذلك فالذي انتصر في النهاية الوعد الإلهي الصادق (إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وأنحر) فسلالة علي بن الحسين منتشرون الآن في كل أصقاع الدنيا وفي جميع القارات في حين لا نجد أحداً يقول أن جدي يزيد، وفي دمشق التي كانت مقر سلطة يزيد نجد من الأماكن المرتبطة بآل البيت ما هو أكثر من أي مكان آخر، وتفاصيل واقعة كربلاء محزنة مأساوية، فكيف يمكن لركب مسالم أن يواجه جيشاً عرمرماً من الأعراب وسواهم الذين أُمروا بالإنقضاض على العترة الطاهرة، وطبعاً عوملت العترة الطاهرة من قبل عبد الله بن زياد بوحشية متناهية ومثل ذلك حصل في دمشق.
 
لكن لا بد لنا من أن نتذكر بأن حملة الرسالات تترافق حياتهم مع المعاناة والإبتلاء ونحن الآن في أيام المعاناة و الإبتلاء نستلهم الدروس من النهضة الحسينية وكأني به ( عليه السلام ) ينادي المسلمين الآن إتحدوا، عودوا إلى النهج القرآني، لا تتفرقوا، إصرفوا طاقاتكم ضد أعداء الدين، كونوا مثلاً أعلى لكل الإنسانية، برهنوا على أن الدين عند الله الإسلام وأن الإسلام صالح لكل زمان ومكان ولا يمكن لزمان ومكان أن يكون صالحاً من دون الإسلام، والإسلام يمثله القرآن الكريم الذي كأنه نزل الساعة لم يتغير منه حرف ولن يتغير شيئ فيه، وهو ما اجمع عليه المسلمون جميعاً وثابت بمعايير علمية إسلامية جماعية محضة.

لا أريد أن أقول عزاءً وإنما ليكن ما حدث في كربلاء باعثاً و محرضاً ومذكراً، والعاقل هو الذي يتذكر؛ رحم الله الحسين رحم الله شهداء آل البيت حشرنا الله تعالى يوم القيامة تحت لواء المصطفى (ص) والعترة الكريمة والحمد لله أولاً وآخراً. 

س- هل قام الحسين من أجل السلطة والحكم؟
ج- إن الإمام الحسين ومن قبله الإمام علي (كرم الله وجهه) هما أئمة وعندما توحدت الخلافة مع الإمامة في شخص الإمام علي (كرم الله وجهه) ثم عندما سعى الحسين مرة أخرى للجمع بين الخلافة والإمامة
لم يكن هدفه على الإطلاق السلطة بل كان أزهد الناس بالسلطة لكن حدثت تجاوزات كان من غير الممكن السكوت عليها، فنهض في سبيل إعادة الناس إلى الطريق القرآني القويم، وهو هنا تمثل بجده المصطفى (ص) عندما أمره الله تعالى بقوله (فأصدع بما تؤمر) وحين صدع بما أمر ضرب مثلاً أعلى استلهمه الناس في الماضي ونستلهمه الآن وسيظل ملهماً لأجيال المستقبل.
 
س- كيف تقرؤون دور السيدة زينب عليها السلام في هذه النهضة؟
ج- إن العودة إلى تفاصيل ما حدث في كربلاء مثير للأحزان والإنفعالات والعواطف، كان الإمام الحسين قد ضرب المثل الأعلى في الإباء والإلتزام الكلي بالعقيدة ولم يأبه أبداً بالتهديدات، فالغاية المثلى لدى كل مسلم هي الشهادة لأن الشهادة إنتقال من حياة فانية إلى حياة أبدية، إنتقال من الدنيا إلى الفردوس الأعلى وهذا ما نجده أيضاً لدى جميع أفراد العترة النبوية الذين كانوا في ركب الحسين ونجده أيضا ً في مواقف بنات النبي (ص) وعلى رأسهم السبطة زينب الكبرى ابنة فاطمة الزهراء؛ فهي السبطة الجليلة والتي تحتضن دمشق الآن جثمانها الشريف تحدِّت ابن زياد وجيوشه، ورعت الركب الكريم في الطريق إلى الشام على الرغم من سوء المعاملة والعدوانية التي لا توصف بأوصاف أدنى من الوحشية والدناءة ثم هي التي وقفت في وجه ابن زياد ووجه يزيد وحمت ودافعت عن السجاد علي زين العابدين فكان لها الفضل والفضل لله أولاً وآخراً في بقاء العترة النبوية.
 
وكم هو درس فيه عبر أن قصر يزيد الخضراء زال من الوجود في حين إنبعث إلى جانب الأموي مسجد الطفلة الشهيدة السيدة رقية ابنة الإمام الحسين (ع) وإن ذكرى يزيد زالت من دمشق بين ما يزور الناس في المشهد الشرقي الشمالي من الجامع الأموي موضع رأس الحسين، ولا بأس من أن أكرر مرة أخرى أن مما تفتخر به دمشق الآن هو وجود ضريح السيدة زينيب عليها السلام.
شكراً لكم فضلية الدكتور 

حاوره ناصر الحكيمي - مكتب دمشق 
https://taghribnews.com/vdcf11dm.w6dmxaikiw.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز