تاريخ النشر2010 22 September ساعة 13:10
رقم : 26520

العالم في حالة لا تحتمل مزيدًا من العصبية والتطرف

الحملات المستمرة والمسيئة للاسلام ورموزها المقدسة , ما هو الا مخطط لهدم مشروع حوار الحضارات والاديان ولذلك بات من الضروري الاهتمام بالحوار والتواصل مع الاخر للتعريف بالاسلام الواقعي والمنزه من كل الاتهامات الموجهة اليه .
محمد ابو ليلة
محمد ابو ليلة
وكالة انباء التقريب (تنا) :
سنوات طويلة نتحدث عن أهمية الحوار والتواصل مع الآخر لتصحيح صورة الإسلام، والتصدي للحملات الموجهة ضده، لكن المؤشرات تؤكد أننا فشلنا في تحقيق ذلك، والدليل هو استمرار الحملات المسيئة للإسلام ورسوله ( صلى الله عليه وسلم )، ووجود صورة مشوهة للإسلام وللمسلمين لدى الغرب .. الأمر الذي دفع مجموعة من أساتذة جامعة الأزهر والمتخصصين في الشؤون الإسلامية، المجيدين للغات الأجنبية وأصحاب الدراية بالثقافات المختلفة للشعوب، إلى إنشاء جمعية «التواصل الحضاري والحوار مع الآخر»، وذلك لاستثمار خبرات أعضائها وقدراتهم في وضع إستراتيجية جديدة للحوار مع الآخر والتواصل معه، بما يحقق تصحيح صورة الإسلام والتصدي لكل ما يثار ضده، وقد أطلقت الجمعية مشروعها الأول لتدريب وإعداد كوادر من الشباب القادرين على المشاركة في حوار الحضارات والثقافات من أجل تصحيح صورة الإسلام في الغرب ومد جسور التفاهم مع مختلف شعوب العالم.

وحول أهداف الجمعية وخطة عملها، وتفاصيل الاستراتيجية الجديدة التي تضعها للحوار مع الآخر، وكيف سيتم تغيير الصورة النمطية المشوهة للإسلام والمسلمين، الموجودة في الإعلام والفكر الغربي، التقت «الوعي الإسلامي» رئيس مجلس إدارة الجمعية وأستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية في جامعة الأزهر، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية د.محمد أبوليلة.. وإليكم نص الحوار :

كيف تولدت فكرة إنشاء تلك الجمعية؟
- بدأت فكرة الجمعية منذ عام ٢٠٠١، حيث كنت أقوم بعقد سلسلة من الدورات في الدعوة والدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية في مركز صالح بجامعة الأزهر، وكان الإقبال كبيرا جدا من قبل الدارسين من الجنسين، ومن كل التخصصات، وكان من ضمن الدارسين أساتذة جامعة وخريجون وأئمة ومعلمون ورجال أعمال وغير ذلك، كما وجدت إقبالا كبيرا من قبل عدد من الأجانب، ولا تزال تلك الدورات تعقد حتى الآن، لكن في مقر مختلف، حيث تعقد في دار الأرقم.. هذه الدورات تمخضت عنها فكرة إنشاء الجمعية، نظرا لما يتعرض له الإسلام والمسلمون اليوم من حملات وإساءات منظمة وواسعة النطاق، وبعضها من وسائل الإعلام الغربية، ومن السياسيين في الغرب، هذا بخلاف حملات التنصير، ونشاط العلمانيين سواء في الغرب أو في داخل البلاد الإسلامية، كما أن الانفتاح الذي يتميز به هذا العصر، واختلاط الأمور، والنظام العولمي الذي يراد فرضه على العالم من أجل سيادة ثقافة بعينها هي الثقافة الأميركية على الشعوب- ونعني بالثقافة مجموعة النظم التي تؤثر في حياة الإنسان وتصوغ مواقفه من الأحداث من حوله- كانت وراء مولد فكرة المشروع الذي يعد الأول من نوعه، وهو امتداد لرسالة الأزهر النبيــلة، و يــعتبر التطبيق العملي للدراسات الإسلامية باللغات الأجنبية.

الإسلام والتراث الإنساني

الفكرة تولدت عام ٢٠٠١ ونُفِّذت عام ٢٠٠٦ فما سبب هذا التأخير؟
- تنفيذ الفكرة قد تأخر بالفعل نظرا للدراسة الطويلة التي خضعت لها لاستقصاء جميع جوانب الموضوع، ولقد وجدنا من خلال الدراسة أننا نحتاج إلى جهود ضخمة من أجل إيجاد الداعية المتسلح بالثقافة المعاصرة وعلوم الدين وعلوم اللغة، صاحب الخبرة التراكمية التي تمكنه من عرض الإسلام بالطريقة التي يعرض بها أعداء الإسلام أفكارهم، حيث وجدنا أن هناك عجزا شديدا لدى المسلمين في أعداد الكفاءات التي تجيد الحوار مع الأخر والمتسلحة بالعلم الديني والدنيوي، كما لاحظنا، بكل أسف، أن معظم كتبنا وكتاباتنا التي تترجم إلى اللغات الأجنبية إما ضعيفة في أصلها وإما ضعيفة في ترجمتها، وهي، وإن كانت تصدر وتكتب بنوايا حسنة طيبة، لا تخدم الإسلام، خاصة إذا كان العدو متسلحا بالمنهجية والدراسة والتخطيط، ويمتلك الثروة والإعلام الضخم وكل وسائل التأثير.

استراتيجية جديدة للحوار

أكدتم أن الجمعية سوف تضع استراتيجية جديدة للحوار مع الآخر.. فما معالم تلك الاستراتيجية؟
- الاستراتيجية التي يقوم عليها عمل الجمعية تقوم على:
أولا: جمع كل المعلومات والتصريحات والأقوال الخاصة بالإسلام والمسلمين التي تعلن عبر أجهزة الإعلام الغربية، وفي الأكاديميات ومؤسسات صناعة القرار.
ثانيا: تخزين هذه المواد التي جمعت في بنك للمعلومات، وتفنيدها وتصنيفها وفقا لمصادرها وأهميتها ودرجة تأثيرها، كي يستفيد منها الباحثون الذين سيتولون مهمة الرد عليها.
ثالثا: سيكون هناك مجلة خاصة تصمم طبقا للمواصفات الغربية، حيث إن الهدف الأول من صدورها الوصول للمواطن الغربي، سواء كان يعيش في وطنه أو بين المسلمين، أو في أي مكان في العالم.
رابعا: ستكون هناك أيضا دوريات ونشرات وكتب خاصة بالتواصل والحوار، نحاول من خلالها تأصيل العلاقة الإنسانية بين الشعوب تمهيدا لعلاقة أفضل بين الشعوب في هذا العصر الملتهب.
خامسا: يأتي في إطار استراتيجية عمل الجمعية إعداد أشخاص ذوي خبرات وقدرات خاصة في هذا المجال محليا ودوليا، وسوف يكون طلاب المعهد من الدارسين للغات والترجمة ومن خريجي أقسام اللغة الإنجليزية والفرنسية في مصر والعالم العربي.
سادسا: عمل زيارات متبادلة مع المواقع الثقافية والأكاديمية في الدول الغربية.. كما سوف يكون هناك تواصل مستمر مع المنصفين من العلماء والإعلاميين الغربيين.
سابعا: تشكيل قوافل من الأساتذة المصريين والعرب المتميزين والمتخصصين في اللغات والعلوم الشرعية للسفر إلى الخارج لنقل الصورة الصحيحة عن الإسلام للغرب.

نموذج مشرف للإسلام

عدد كبير من أعضاء الجمعية من النساء، فما الدور الذي ستقوم به المرأة المسلمة لتحقيق أهداف الجمعية؟
- للمرأة دور مهم جدا، ومشاركة أساسية في تحقيق أهداف الجمعية، وذلك إيمانا من أعضاء الجمعية بأهمية دورها في بناء الإنسان وبناء المجتمع على قاعدة الأخلاق والقيم، فالإنسان يتعلم الكلام واللغة من أسرته أولا، وعلى وجه التحديد من الأم، لذلك فإنه يمكن أن يكون للأسرة دور إيجابي في تنشئة الطفل على حب الآخر، وحب الحوار، لا على الانعزالية والانطوائية، كما أن تربية الطفل على أسس إسلامية صحيحة تجعله نموذجا مشرفا للإسلام، ومن ثم لا يتخذ الغرب أخطاء وسلوكيات بعض المسلمين البعيدة عن الإسلام ذريعة للهجوم عليه.
ويجب ألا ننسى أن الغرب يتخذ من قضايا المرأة سبيلا أيضا للهجوم على الإسلام، فهو يزعم ظلم الإسلام لها، وسلبها حقوقها، وعزلها عن العالم، وحين يحاول الرجال الرد على تلك الاتهامات يكون ذلك تأكيدا لها، من وجهة نظر الغرب، فإذا كان الإسلام لم يعزلها فلماذا لا ترد هي؟ لهذا فهي القادرة وحدها على الرد على الافتراءات والأكاذيب التي تخصها.

دين وسطية 

إبراز وتوضيح سماحة الإسلام وأنه دين وسطية لا يعرف التشدد أو الغلو من أهم الأمور التي ستسعى لتحقيقها الجمعية.. فكيف سيتم ذلك؟

- من خلال الجمعية سوف يمكننا أن نتواصل مع الآخر، سواء كانا مسلما أو غير مسلم، وذلك سيتم بفتح قنوات للاتصال والحوار معه، بهدف أن نفهمه ونوضح له صحيح الإسلام، فهناك خلط في المفاهيم عند كثير من الناس، لذلك فالآخر يجب أن يعرف أن الإسلام دين حضارة لا تنطوي على نفسها ولا تنعزل ولا تنغلق، بل تقبل الحوار والتواصل، ولا ترفض الاعتراف بالآخر سواء كان ذا دين أو ليس له دين، فرسولنا ( صلى الله عليه وسلم ) رسول للإنسانية جمعاء، والإسلام يحمل للإنسانية جميعها رسالة سامية تدعو إلى التسامح والتعايش وإقامة علاقة أفضل مع الآخر.

سرعة تصحيح الصورة

الصورة النمطية المشوهة للإسلام وأتباعه.. كيف سيمكن إزالتها؟
- الظروف العالمية الحالية والهجمات الشرسة والمكثفة ضد العرب والإسلام تستلزم الرد والتصدي وبيان حقيقة الإسلام وأسسه الصحيحة وإزالة كل ما هو مغلوط، سواء كان ذلك بسوء نية أو بحسن نية، وحين يكون الرد جماعيا ومن خلال عمل منظم له استراتيجية واضحة، تكون له نتائج أسرع و أكثر ايجابية، وهو الأمر الذي تسعى الجمعية إليه، ويجب أن ندرك أن الصورة النمطية المشوهة للإسلام والمسلمين ليست جديدة في الإعلام والفكر الغربي والأميركي، لكن أحداث الحادي عشر من سبتمبر قد ساهمت في إعادة بث هذه الصورة النمطية، كما ساهم في ذلك أيضا عدم قدرة المجتمعات المسلمة على تقديم الصورة الصحيحة. 

مجلة الوعي الاسلامي



https://taghribnews.com/vdcgzn9x.ak93x4r,ra.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز