تاريخ النشر2010 29 August ساعة 15:45
رقم : 24689
الدكتور أمين حطيط لوکالة أنباء التقریب (تنا)

اعلان يوم القدس العالمي قرار استراتيجي بعيد المدى و الاثر

اعلان يوم القدس العالمي هو قرار استراتيجي بعيد المدى و الاثر ، سيحدث في نهاية المطاف ما كان يرجى منه يوم اعلانه من تحرير و توحد .
اعلان يوم القدس العالمي قرار استراتيجي بعيد المدى و الاثر


خاص بوکالة التقریب (تنا ) 
تستعد الأمة الاسلامية لاحياء يوم القدس العالمي وتتضاعف أهمية أحياء يوم القدس في الوقت الراهن لما تواجهه جبهة المقاومة من ضغوط وتهديدات دولية واقليمية تسعى الى اجتثاثها من الأرض ولكن حتى لو استطاع الأعداء اجتثاثها من الأرض فهل سيستطيعون اجتثاثها من قلوب المسلمين وأحرار العالم، من هنا فان المسلمين وأحرار العالم عندما يحيون يوم القدس فانهم بذلك يوجهون رسالة واضحة الى الأعداء بانهم يساندون ويدعمون جبهة المقاومة، وحول أبعاد احياء يوم القدس التقينا بالخبير الاستراتيجي اللبناني الدكتور أمين حطيط ووجهنا اليه الأسئلة التالية:

بما أن القدس الشريف قضية مشتركة بين المسلمين كافة فهل لاحياء يوم القدس دور في توحيد صفوف الأمة؟

- ظهرت اسرائيل في فلسطين كتجسيد لانتصار الهجوم الغربي على الشرق و بسط النفوذ على بلاد المسلمين فهي القاعدة العسكرية الغربية المتقدمة في المنطقة التي زرعت فيها للمحافظة على زخم المشروع الغربي و منع التقاء اهل المنطقة على ما يوحدهم من اجل خيرهم . و ان الفكر الاستراتيجي المميز لدى الامام الخميني - رض – رأى ان مواجهة العدوان الغربي لا تكون الا بجمع الكلمة و وحدة القوى، لهذا اطلق فكرة وحدة الامة الاسلامية، و لتجسيد هذه الفكرة اختار محطات في التاريخ و محطات في الجغرافيا و مسارات في السلوك، يجتمع المسلمون حولها و

تبرز قوتهم التي لا بد من تشكيلها حتى يستعيدوا حقوقهم في هويتهم و ارضهم و ثرواتهم في اوطانهم.
 
و في هذا الاطار جاء اطلاق اسبوع الوحدة الاسلامية (بين التاريخين المفترضين لولادة الرسول الاكرم ص ) والدعوة للحوار للتقريب بين المذاهب و البحث عن المشترك الجامع بين المسلمين و هو الكثير و الاساس، واختار القدس و المسجد الاقصى ليكون المكان الذي تهفو اليه القلوب و هو اول القبلتين و ثالث الحرمين ومكان اسراء الرسول (ص)، اي انه المكان الذي لا يمكن ان ينازع احد في موقعه في الاسلام و اهميته في الاسلام و لا يمكن ان يدعي فريق او مذهب اسلامي ان له حق به اكثر من سواه، ثم انه المكان المدنس بالاحتلال الصهيوني و الواجب تحريره ، و التحرير لا يكون بالتمني بل بالعمل و حشد القوة، و في القوة المحشدة من اجل القدس اولا طريق يرضي الله بتحقيق امره للمحافظة على وحدة الامة " ان هذه امتكم امة واحدة و انا ربكم فاعبدون " و ان ننتهي عما نهى عنه "و لا تفرقوا" و " و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم " و تكون الثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني قد اتقنت الاختيار لكلمة مفتاح توحد الجهود الاسلامية و تبلور وحدة الامة في عمل مشترك يهمها و تواجه المشروع الغربي من باب التحرر منه انطلاقا من اقتلاع ثمرته "الغدة السرطانية" القائمة في فلسطين و السالبة للقدس و الاقصى، و هنا تكمن اهمية تعيين يوم سنوي يذكر بالخطر و يدعو للعمل الموحد لازالته، و اعتقد ان اعلان يوم القدس العالمي هو قرار استراتيجي بعيد المدى و الاثر، سيحدث في نهاية المطاف ما كان يرجى منه يوم اعلانه من تحرير و توحد. 

مشكلة القدس برزت نتيجة الاحتلال الصهيوني بينما يتعرض اليوم أكثر من بلد اسلامي لاحتلال أجنبي مباشر فهل يمكن توظيف يوم القدس للتنديد باحتلال كافة البلدان الاسلامية؟
- نعم اني ارى و افهم يوم القدس على اساس انه دعوة تحرير و مقاومة للعدوان الصهيوني الغربي على المنطقة، و دعوة لتنظيم المقاومة الحقيقية
لهذا المشروع. و القدس رمز اسلامي يجد كل مسلم نفسه معني به و مدعو للعمل المقاوم من اجله. و هنا تكمن اهمية الموضوع في غرس فكرة المقاومة للاحتلال في النفوس، مقاومة تكون في نشأتها الاولى من اجل تحرير مكان مقدس ذكره الله في القرآن الكريم و وعد بالنصر ان ادى المسلمون واجبهم في العمل و المقاومة، و ان لم يكن نصر مباشر للفرد و استشهد في الطريق الى التحرير فان اجره يقع على الله و يكون نال احدى الحسنيين - شهادة في سبيل الله – ما يعني ان فكرة المقاومة لمواجهة الاحتلال تترافق عند المسلم بفكرة نيل احد الحسنيين لان كل احتلال هو ظلم و السعي لرفع الظلم امر يرضي الله و من مات دون ماله او عرضه او دينه او ارضه فهو شهيد فكيف اذا كان الموت من اجل كل هذه الامور التي تنتهك بالاحتلال .... انها الشهادة التي لا جزاء لها من الله الا رضاه و الجنة.
 
و لذلك فان توظيف فكرة تحرير القدس من اجل تحرير الاوطان بالمطلق لانها تغرس فكرة المقاومة و فكرة الشهادة و فكرة الثواب الالهي، و هذا ما برز و لمسه الجميع في لبنان في مقارعة الاحتلال الصهيوني للجنوب، و كان هذا ديدن المقاومة الاسلامية التي تنتهج فكر الامام الخميني وفقاً للمعتقد الاسلامي الصحيح فثبتت على الحق و تمسكت به دون مساومة و قاتلت من اجله، و ادى ذلك الى تحرير الجنوب في عام ۲۰۰۰ ومنع احتلاله في العام ۲۰۰۶ و عليه نرى ان يوم القدس هو دعوة للتحرير ما يستتبع الدعوة للتنديد باي احتلال اينما كان هذا الاحتلال . 
احياء يوم القدس هذا العام يتزامن مع المفاوضات المباشرة كيف يستطيع الجانب الفلسطيني استغلال يوم القدس لتحقيق مطالبه في المفاوضات؟
ان الفلسطيني المدعو الى المفاوضات ليس من يوثق بقدرته و حرصه على الحقوق الاسلامية و الحقوق الفلسطينية في فلسطين عامة و في القدس خاصة. و الكل يذكر ان هذا الفريق هو من فرط بالكثير في اسلو و استدعي اليوم الى التفاوض ليجهز على ما تبقى من هذه الحقوق و لتصفى القضية الفلسطينية . لذلك لا امل كبير لدي في ان يستفيد المفاوض الفلسطيني
من يوم القدس ليعزز موقفه التفاوضي، رغم ان هذا اليوم الذي سيكون للمسلمين فيه على مساحة الكرة الارضية كلها صرخة واحدة ترفض التنازل عن القدس و الاقصى، هذا اليوم يمكن ان يتخذ ذريعة او حجة لمواجهة الضغوط الاميركية و للامتناع عن التنازل او التفريط بالحقوق. 

و لو كان المفاوض الفلسطنيني مأمونا على القضية لكان يوم القدس في مصلحته التفاوضية اذن. لكن ليوم القدس دور آخر خارج طاولة التفاوض و هو ارسال رسالة لكل من يعنيه الامر رسالة تقول ان القدس هي ملك الامة الاسلامية و لا يملك أحد حق التنازل عن اقصاها و بالتالي لا قيمة لاي توقيع يتناول ذلك و ان القضية لن تصفى كما تريد اميركا و اسرائيل، بل ستبقى حية في قلوب المسلمين حتى يحل اليوم الموعود بالتحرير. انها رسالة للمتفاوضين بان التنازل عن القدس لن يكون نافذا بحق المسلمين. 

هناك من يعتقد أن الانقسام الفلسطيني في غزة والضفة أضعف القضية الفلسطينية بينما يعتقد البعض أن هذا الانقسام بلور المقاومة، فما رأيكم بذلك؟
- في البدء لا بد من التأكيد على ان الانقسام – اي انقسام و تشتت – فيه ضعف و تشتيت للقوى و بالتالي يقود هذا القول الى استنتاج بسيط بان الانقسام الفلسطيني اضعف الجهود نحو التحرير و حل القضية بما يناسب اهلها و منطق الحق. لقد اساء الانقسام الى القضية الفلسطنية من غير شك. لكن ينبغي ان لا نتوقف هنا فقط بل نسأل حول اي موقف موحد نطالب به الفلسطنيين ؟ هل التوحد حول السلطة التي يقودها محمود عباس و التي هي ثمرة اتفاقات التفريط بالقضية في اوسلو ؟ ام التوحد حول فكرة المقاومة و تحرير فلسطين من البر الى البحر و عدم التفريط بحق من حقوق الفلسطنيين و العرب و المسلمين في فلسطين ؟ اذا كانت الوحدة حول المقاومة ممكنة فهي منتهى الطموح و الرغبة اما اذاكانت غير ممكنة كما هو الحال الان، فان الوحدة حول سلطة تفرط بالقضية و اهلها تكون مرفوضة ايضاً و يكون الانقسام في مصلحة القضية لان فيه استجابة للمبدأ ان يكون في الامة
فئة تدعو الى الخير، و المقاومة هي الخير هنا الواجب ان يدعى اليه و من يحمل المقاومة في فكره و قلبه هو الامة و انقسام يحفظ المقاومة هو خير من وحدة تلغيها.  

كما نعلم أن تيار المقاومة المتمثل في حزب الله وحماس وسوريا وايران يواجه في الوقت الراهن ضغوطا شديدة نتيجة موقفه من القدس كيف يمكن احياء يوم القدس للتعبير عن دعم جبهة المقاومة؟
يوم القدس هو فكرة و موقف و سلوك، يعبر عنه من يؤمن بحقه في القدس و تحريرها و بالتالي يكون احياء يوم القدس وفقاً للظروف و الامكانات المتاحة بشكل لا يثقل على الامة و لا يعرضها لخطر لا طائل من دونه. فالمسألة اليوم اظهار رفض الاحتلال و تأكيد التمسك بالحق بالقدس و فلسطين ، و يمكن ان يتم ذلك على درجات متفاوتة منها الاعلامي بتنظيم الحوارات و الشروحات لاظهار الحق و اظهار المظلومية في الاحتلال، و منها عقد الندوات و المؤتمرات التي تحشد النخب الفكرية، و منها التظاهرات لاظهار مدى التأييد و الالتفاف الشعبي، و منها ارسال الوفود و توجيه الرسائل الى البلدان غير الاسلامية لشرح اهمية القدس و تمسك المسلمين بها .. وهذه الوفود تشغل الاعلام في كل الدنيا في يوم واحد و تكون رسمية او مشتركة، وتسليم الرسالة بحد ذاته يفرض نفسه خبرا على اعلام الدولة المعنية بالرسال، و من جهة اخرى ينبغي التركيز في كل وسائل التعبير على تعنت اسرائيل و اغتصابها الذي لا يعالج الا بالمقاومة و من اجل هذا كانت جبهة المقاومة و المواجهة جبهة دفاع و استنقاذ و ليست جبهة هجوم و عدوان كما هو حال اسرائيل و اميركا .
 
ما هو تقييمك لموقف الدول الاسلامية من القدس الشريف وعموما القضية الفلسطينية؟ 
من المؤلم ان نقول ان مواقف الدول الاسلامية من القدس و فلسطين هي دون المستوى المطلوب على الصعيد الرسمي، انما يسجل نمو الوعي الشعبي في هذا المجال. و الاكثر ايلاماً ان نجد دولاً
تدعي الاسلام و الحرص على الدين و في الوقت نفسه تنساق بالاوامر الاميركية الصهيونية ضد مصالح المسلمين في القدس و فلسطين او السكوت عما تتعرض له القدس اليوم من تهويد متسارع على يد الصهاينة. لكن يبقى الامل قويا في وجود دول اخرى على رأسها الجمهورية الاسلامية في ايران تتشبث بالقدس على اعتبار انها قضية المسلمين الاولى و تستمر بحشد الدعم لها . 

ما هو تقييمك لأداء وسائل الاعلام في الدول الاسلامية تجاه القدس والقضية الفلسطينية؟
يتعاطى الاعلام في الدول الاسلامية مع القضية بدرجات متفاوتة، فالاعلام الخاص و خاصة التجاري يهملها كلياً خوفا من الصهيونية و اميركا التي قد تحاصره و تمنعه من تحقيق الربح، و كان لمنع بث قناة المنار والاقصى في اروبا و اميركا تحذيرا لهذا الاعلام من السير في طريق نصرة القضية الفلسطنية. اما الاعلام الملتزم – و هو قليل جدا – ففيه من الجهود ما يستوجب الثناء عليه و تقديره. لكن بالاجمال و في عالم اسلامي يملك المئات من الفضائيات و المطبوعات و المواقع الالكترونية نجد ان القضية الفلسطنية و القدس في صلبها لم تصل الى مرتبة الاهتمام التي ينبغي ان تكون فيها رغم التقدم الحاصل و بشكل ملحوظ منذ اعلان الجمعة الاخيرة من شهر رمضان يوماً عالميا للقدس .

ما هي الانجازات التي حققها يوم القدس؟
يسجل ليوم القدس انجازات كبرى و نذكر باهمها و هي : ايجاد قضية جامعة للمسلمين يلتفون حولها لنصرة حقوقهم، وتسليط الضوء على الخطر الصهيوني و الغربي على بلاد المسلمين، واحياء القضية الفلسطينية بجعلها قضية للمسلمين و ليست كما يراد لها ان تكون قضية الفلسطنيين وحدهم، وفضح الانظمة التي تدعي زورا حرصها على القدس و فلسطين و ابراز حقيقتها العميلة للمشروع الغربي.

حوار:لقاء سعيد

https://taghribnews.com/vdcaoinu.49nya1kzk4.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز