تاريخ النشر2018 16 July ساعة 14:09
رقم : 343330

الكبار لا يرحلون

تنا
من قال إن الكبار يرحلون؟ هم رحلوا بأجسادهم، وخلّفوا وراءهم الذكر الطيّب، والعمل الصالح، والعلم النافع الّذي يفيض كلّ يوم بركات وخيراً وسموّاً ورحمةً على الناس، بما يؤسّس لوعيهم، ويدفعهم تجاه مسؤولياتهم وتحمّلها في الحياة.
الكبار لا يرحلون
محمد عبدالله فضل الله
من زمن الكبار، ونحن في أجواء رحيل المرجع السيد فضل الله(رض)، نستحضر عالماً وأديباً وشاعراً وخطيباً فذاً، وداعيا إلى الله، يفتخر به العالم، وتعتز به الأمّة؛ إنه الدكتور الشيخ أحمد الوائلي(ره)، الذي أعطى كلّ ما لديه، وحرص بكلّ جهد على رفع منسوب الوعي عند الناس، فلم يجد وسيلةً أجدى ولها التأثير الواسع، سوى المنبر الحسيني، الذي عمل على إحيائه ورفعته وشموخه، وجعله منبراً للوعي والإبداع، وهو الذي تميَّز بفنّ الخطابة، وكانت خطبه منارات في تثقيف الأمّة وتوجيهها الوجهة السليمة.

ولد الشيخ الوائلي في مدينة النجف الأشرف في العام 1928م، في أسرة حسينية، فأبوه من خدّام منبر الحسين(ع)، وتعلّم في مدارسها، ثم أخذ بالدراسة المتوسطة والثانوية في مدرسة منتدى النشر ـ إحدى بركات العمل الإصلاحي للشيخ محمد رضا المظفّر ـ ليدخل بعدها الجامعة في منتدى النشر الدينية أو كلية منتدى النشر .

دخل الشّبخ الوائلي إلى كليّة الفقه في العام 1958، وتخرّج منها في العام 1962، أعقبها دراسة الماجستير في معهد الدراسات العليا التابع لجامعة بغداد، وحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة ـ دار العلوم، وقد استطاع الحصول على عدّة دبلومات، منها في الاقتصاد.

هذا، وقد درس في الحوزة، فبدأ بالنحو والصرف والمعاني والبيان والمنطق والأدب واللّغة، وانتقل إلى مرحلة السطوح، فتزوّد بالفقه والأصول والفلسفة، وأشرف على البحث الخارج، لكنه لم يواصل الحضور في بحوث العلماء لضيق الوقت، واعتمد طريقة قراءة تقريرات بحوث السيدين الخوئي والحكيم (رحمهما الله تعالى.(

بدأ الشيخ الوائلي منذ نعومة أظفاره يتتلمذ على كبار الخطباء، واستمرّ به الحال حتى سنّ العشرين، لينفرد بعدها في قراءة المجالس، وقد تميّز بمحاضراته وخطبه الغزيرة التي أغنت المكتبة الحسينيّة والإسلامية، وترك مؤلفات عديده أيضاً.

اتَّصف بشجاعته وجرأته في انتقاد التعصب والانحرافات، وكان شجاعاً في مواقفه ضدّ من يسيئون إلى الدين والعلماء والإسلام، وتميّزت خطبه بالدقّة وعمق المضمون، حتى أضحى صاحب مدرسة في الخطابة الحسينيّة.

أضف إلى ذلك، أنه كان أديباً لغويّاً وشاعراً مجيداً، وصاحب ذوق وبلاغة، تشهد على ذلك قصائده المتنوّعة.

في ذكراه، نستذكر هذا الزمن الّذي شمخ برجالاته الكبار، الّذين تركوا بصمة رائعة في الحياة، وعلّموا الأجيال أهمية الانفتاح على العلم والمعرفة، والأخذ بأسباب العزة، ورفض التعصب والجهل والانغلاق. وعلينا اليوم مسؤوليّة كبيرة في تمثّل هؤلاء الكبار، والانفتاح على تجاربهم بما يغني واقعنا.

 
https://taghribnews.com/vdcfmmdmxw6djma.kiiw.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز