QR codeQR code

السيّد محمد جواد الشّقراوي العاملي (قده)

تنا

بينات , 16 Apr 2018 ساعة 11:23


محمد عبدالله فضل الله
هو الفقيه والأصولي والرجالي الكبير، السيد محمد الجواد بن محمد بن محمد الملقّب بالطاهر ابن حيدر بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن قاسم. يتّصل نسبه الشّريف بالحسين ذي الدمعة ابن زيد الشهيد، ابن علي بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السّلام).

كان السيِّد محمد جواد العاملي (قده) بشهادة القاصي والدّاني من العلماء والفقهاء الربّانيين العاملين في سبيل الله والمخلصين الصّابرين بقلمهم وفكرهم وسيرتهم وأعمالهم.

ولادته المباركة :ولد السيّد الحسيني العاملي سنة (1160 هـ) في قرية شقراء، من قرى جبل عامل.

دراسته وأساتذته:
كان أصولياً بارعاً ومدقّقاً ومحقّقاً في علمَي الرجال والفقه وغيرهما، تميزت شخصيته بالزهد والتقوى والورع، وكان مجداً نشيطاً في طلب العلم في ليله ونهاره. وكان لا ينام من اللّيل إلاّ أقلّه، منشغلاً بالبحث والمطالعة، والتصنيف والتأليف.

تناول السيد محسن الأمين في كتابه (أعيان الشيعة) الجدّ والسعي المتواصل للسيد جواد العاملي صاحب (مفتاح الكرامة)، قائلاً: "كان في الجدّ وتحصيل العلم قليل النظير، وقد أفنى عمره في الدرس والتدريس والبحث والمطالعة والتأليف وخدمة الدين، وكان يستغرق وقته ليلاً ونهاراً في ذلك، دون أن يحدث له ضعف واضطراب، وكان مشغولاً بالبحوث العلميّة حتى في أيام الأعياد وليالي القدر من شهر رمضان، واستمرّ على هذه الحال حتى سن الشيخوخة، وكلّه رغبة ونشاط في هذا المضمار، وكان لا ينام من اللّيل إلّا قليلاً، ولما سئل: ما هي أفضل أعمال ليلة القدر؟ أجاب: بإجماع علماء الإماميّة، هو الاشتغال بطلب العلم".

درس في قرية شقراء مقدّمات العلوم عند السيّد أبي الحسن موسى الأمين وغيره، ثمّ سافر إلى العراق، ولمّا ورد مدينة كربلاء المقدَّسة على عهد الشيخ الوحيد البهبهاني، حضر عند السيّد علي الطباطبائي صاحب (الرياض)، ثمّ حضر عند الأستاذ الوحيد البهبهاني، ولازم بحثيهما حتّى حصَّل قسطاً وافراً من العلم، وأجيز من الوحيد البهبهاني .

وفي النجف الأشرف، حضر عند السيّد محمّد مهدي بحر العلوم، والشيخ الأكبر كاشف الغطاء، والشيخ حسين نجف، وبقي ملازماً لأبحاثهم زمناً طويلاً .

وأحد الأمثلة على استمرارية الجدّ والجهد في اللّيل والنّهار هو: أنه في نهاية العديد من مجلدات (مفتاح الكرامة)، تراه يكتب: (قد تمّ الفراغ منه ليلة كذا)، وذكر في مجلد الوقف (قريب منتصف اللّيل)، والمجلد الثاني من الطهارة (في الربع الأخير من اللّيل) ومجلد الوكالة (بعد منتصف الليل) ومجلدين من الشفعة (في الليل)، وبعض المجلدات الأخرى (في ليلة القدر) أو (ليلة عيد الفطر).

وفي آخر مجلد الإقرار من (مفتاح الكرامة) كتب: في شهر رمضان من هذه السنة، كتبت ثمانية أو تسعة أو عشرة أجزاء من الأبحاث، إضافةً إلى الأعمال الأخرى التي أقوم بها في شهر رمضان، وما تركت الكتابة إلّا لبعض المؤثرات التي كانت سبباً للتعطيل.

ونقل حفيده السيد جواد بن السيد حسن قال: كانت ابنة صاحب (مفتاح الكرامة) سيدةً جليلة القدر، ومشهورة بالتقوى والعبادة، وكانت قد عاشت خمسة وتسعين عاماً من العمر، دون أن تعاني من ضعف الحواس أو عدم القدرة، وكانت تقول: إنّ والدي ما كان ينام اللّيل إلا قليلاً من الوقت، ولم يتّفق لي أن رأيته وهو نائم، بل كان مستيقظاً على الغالب، مشغولاً بالمطالعة والكتابة.

ونقل حفيده الشيخ رضا بن زين العابدين العاملي، الّذي كان مدة في بيته، وكان ينام بعد الفراغ من مطالعاته في الليالي، قال: كنت أرى جدّي يقظاً ومشغولاً بعمله، وكان يلتفت إلى حفيده ويقول: ما هذا العشق بالنّوم، وهذا المقدار الذي نأخذه من النّوم يكفينا؟! وكان يضع رأسه على يده، ويغفو إغفاءة قصيرة جدّاً، ثم يعود إلى عمله، وأحياناً يوقظ حفيده لصلاة اللّيل، ويقوم هو بالمطالعة.

مكانته العلميّة:
كان مشهوراً عنه بين علماء عصره بصفاء الذّات، وغزارة الاطّلاع، وبالضّبط والإتقان، وجودة الانتقاء، وشِدَّة تثبّته وخبرته بعلم الرّجال، وكان معروفاً بين العلماء في زمانه، وحتى موته، بالدقّة والضّبط وصفاء الذّات، وكان يرجع إليه كبار العلماء لحلّ المسائل المشكلة، فيأخذون منه الجواب، أو يطلبون منه تأليفاً في ذلك، وكان تأليف كتبه بالتماس أساتذته: كالشّيخ جعفر كاشف الغطاء، والسيّد صاحب الرياض.

جهاده ودفاعه عن مدينة النّجف الأشرف:
شارك السيد العاملي الناس والعلماء في الدفاع عن النجف الأشرف ضد عدوان الواهابيين الذين حاصروا مدينة كربلاء المقدّسة سنة (1216 هـ)، وفي سنة (1223 هـ)، هاجم أمير نجد مدينةَ النجف الأشرف بعشرين ألف مقاتل، وكانت النذر قد جاءت أهلها، فحذروه وخرجوا جميعاً إلى سور المدينة، ومعهم العلماء، فأتاهم ليلاً، فوجدهم على حذر قد أحاطوا بالسّور، وكان السيّد الحسيني العاملي من بين المدافعين .

وفي سنة (1226 هـ)، جاء عسكر الوهابيين إلى مدينة النجف الأشرف أيضاً، وأوقع في أطراف الحلّة والنجف وكربلاء البلاء المبين، من القتل في الزوَّار والمسافرين، وحرق الزرع، فكان يتناوب مع العلماء في حفظ سور النّجف، وتشجيع المرابطين .

مؤلفاته كثيرة ومشهورة، منها وأهمها موسوعته الفقهيّة "مفتاح الكرامة":

1ـ مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة. ويقول عنه صاحبه شعراً:

أتعبت نفسي بهذا الشّرح مجتهداً           ما صدّني عنه شيء قلّ أو كثرا

كلّ النّهار وكلّ اللّيل في شغل             فلا أبالي أطال اللّيل أم قصرا

ويقول:

هذا كتاب ليس يوجد مثله        في الفقه ما سلف الزّمان وما غبرا

2ـ شرح طهارة الوافي .

3ـ حاشية على طهارة المدارك .

4ـ حاشية على كتاب الدَّين والرَّهن من القواعد .

5ـ رسالة مبسوطة في العصيرين العنبي والتمري .

6ـ رسالة في المواسعة والمضايقة .

7ـ حواش على الروضة .

8ـ منظومة في الرّضاع .

9ـ منظومة في الخمس .

10ـ حاشية على تجارة القواعد .

11ـ شرح الوافية في الأصول .

12ـ حاشية صغيرة على أوّل التهذيب .

13ـ حاشية على المعالم في مقدِّمة الواجب .

14ـ رسالة في مسألة الشّكّ في الشرطيّة الجزئيّة في العبادات .

15ـ رسالة جمع فيها مناظرة الشيخ جعفر والفاضل محسن الكاظمي .

16ـ رسالة في علم التّجويد .

17ـ رسالة في الردِّ على الإخباريّين .

18ـ رسالة مختصرة في وجوب الذبِّ عن مدينة النجف الأشرف .

19ـ رسالة فيما جرى بينه وبين صاحب (الرياض).

20ـ رسالة في أصل البراءة .

21ـ منظومة في الزكاة .

وفاته :
تُوفي في أواخر السبعينات من عمره في النّجف الأشرف في أواخر سنة 1226هـ، ودفن في الصّحن الشّريف لمقام الإمام عليّ (عليه السّلام) في إحدى الغرف الموجودة لجهة الباب القِبلي بوصيّة منه، وقبره مشهور تزوره الناس والعلماء، وقد رثاه الأدباء والعلماء. ومن جملة ما قالوا فيه:

ولا غرو إذ لم تزل دائباً            شموس نهارك تجلو الظّلام

فكم درجات لكلّ مقام           وإنما مقامك أعلى السّنام


رقم: 324878

رابط العنوان :
https://www.taghribnews.com/ar/article/324878/السي-د-محمد-جواد-الش-قراوي-العاملي-قده

وكالة أنباء التقريب (TNA)
  https://www.taghribnews.com