تاريخ النشر2010 12 October ساعة 10:59
رقم : 27979

الارهاب الالكتروني .. «ستوكسنت» آخر الكوابيس

الولايات المتحدة و١٢ دولة اخرى، شرعت في تدريبات وتمارين مشتركة واسعة النطاق، لاختبار جاهزية شبكات الكمبيوتر فيها، للتعامل مع هجمات الكترونية محتملة
الارهاب الالكتروني .. «ستوكسنت» آخر الكوابيس



أظهر هجوم فيروسي من خلال الانترنت استهدف مؤخراً ايران، الى أي حد أصبحت نظم البنية الأساسية الوطنية (المفاعلات النووية مثلاً) عرضة للأخطار بسبب اعتمادها على البرمجيات المستخدمة على نطاق واسع، وتكنولوجيا مستوردة من الخارج. ما قصة الارهاب الالكتروني وما حجم التهديد الذي ينطوي عليه؟

ظاهرة الإرهاب الالكتروني او الرقمي، اصبحت نوعاً جديداً من الارهاب نتيجة التطور التكنولوجي والثورة المعلوماتية، وهو يقضي باستغلال شبكة الانترنت للهدم والتخريب. والارهاب الالكتروني هو استخدام التقنيات الرقمية لاخافة واخضاع الآخرين، او القيام بمهاجمة نظم المعلومات على خلفية دوافع سياسية او عسكرية. ويمكن للارهاب عبر شبكة الانترنت ان يتسبب في الحاق الشلل بأنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات، او بقطع شبكات الاتصال بين الوحدات والقيادة او تعطيل انظمة الدفاع الجوي او حرف الصواريخ عن مسارها، او اختراق النظام المصرفي، او ارباك حركة الطيران المدني او شل محطات الطاقة الحرارية والنووية. 

مجلة «ايكونومست» ذكرت في تحقيق بهذا المعنى: اذا تخيل المرء ان عملاء قوة معادية تعاونوا مع عصابات الجريمة المنظمة، وتمكنوا من احداث تكدسات هائلة في حركة المرور في اكبر مدن البلاد، بحيث ادت الى تعطيل وشل الشركات والنشاطات والخدمات الحكومية والعامة، وعزل البلد عن العالم، فإن هذا الوضع يمثل كابوساً له خطره البالغ على الأمن القومي لأية دولة. وحدوث سيناريو كهذا على الانترنت يشكل هاجساً يجعل الخبراء يفكرون في التدابير اللازمة لمنع وقوعه ولهذا السبب تدرس اغنى الدول، وخبراء التخطيط العسكري فيها، وسائل جديدة ومتطورة للحماية ضد الهجمات الالكترونية. 

من جهتها نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن جانيت نابلويتانو، وزيرة الامن الداخلي الاميركي، قولها ان الولايات المتحدة و١٢ دولة اخرى، شرعت في تدريبات وتمارين مشتركة واسعة النطاق، لاختبار جاهزية شبكات الكمبيوتر فيها، للتعامل مع هجمات الكترونية محتملة. ويشمل التمرين الذي اطلق عليه اسم «سايبر ستورم» محاكاة هجوم الكتروني واسع النطاق يستهدف البنية التحتية الاساسية، ويشارك فيه آلاف الخبراء.

وفي ما يتصل بالهجوم الفيروسي الذي
استهدف ايران، نقلت وكالة الانباء الالمانية عن مسؤولين ايرانيين ان الفيروس الدودي المعروف باسم «ستوكسنت» اصاب اجهزة الكمبيوتر الخاصة بموظفي محطة بوشهر النووية، لكنه لم يؤثر على النظم الرئيسة هناك. 

ويستغل الفيروس «ستوكسنت» ثغرات أمنية في نظام التشغيل «مايكروسوفت وندوز» ونظام للتحكم الصناعي من شركة «سيمنس» الالمانية. ويشتبه خبراء أمن في أنه هجوم اميركي او اسرائيلي على البرنامج النووي الايراني. وفي هذا الصدد قال ديريك ريفيرون استاذ الامن القومي وخبير الانترنت في المدرسة البحرية الحربية في رود ايلاند: «ان فيروس «ستوكسنت» يشكل تنبيهاً لجميع الحكومات في شتى انحاء العالم. انه اول فيروس معروف يستهدف نظم التحكم الصناعية ويمنح المتسللين السيطرة الفعلية على البنى الاساسية العامة، كمحطات الكهرباء والسدود والمنشآت النووية. كذلك حذرت صحيفة «تايمز» اللندنية من ان يؤدي فيروس «ستوكس نيت» الى تأجيج سباق تسلح متسارع على الانترنت، تنخرط فيه الدول الغربية المتقدمة والقوى الناشئة، لا سيما الصين وروسيا». 

وتشير المعلومات الى ان هذا الفيروس انتقل الى اجهزة كمبيوتر ايرانية عن طريق احدى شرائح الذاكرة الصغيرة (فلاش ميموري) او الذاكرة الومضية، وهي وسيط تخزين متنقل، كثيرا ما يستخدم في نقل البيانات بين اجهزة الحاسوب. كما تكشف هذه المسألة عن مدى اعتماد ايران، على ما يبدو، على البرمجيات والمعدات الغربية من شركات مثل مايكروسوفت وسيمنس، بحيث ان هذا الاعتماد يشكل نقطة ضعف خطيرة في حد ذاتها. لكن المحللين يحذرون من ان الدول الغربية هي ايضاً معرضة لخطر استيراد أسلحة افتراضية مخفاة داخل تكنولوجيا مصدرها الخارج. كما انهم يرجحون ان ايران هي الهدف الرئيسي للهجوم، بحيث ان ٦٠٪ من اجهزة الكمبيوتر التي تأثرت موجودة في ايران، علماً ان الهند واندونيسيا وماليزيا كانت من بين الدول المتضررة. 

ويقول ريفيرون: يمكن القول، بمعنى ما، ان هجمات الانترنت، مثل الهجمات البيولوجية يصعب السيطرة عليها. ويضيف: قد لا نعرف أبداً ما اذا كان فيروس «ستوكس نيت» يعد حقاً هجوماً الكترونياً تشنه دولة على المنشآت النووية الايرانية ام لا، لكن من الصعب تتبع الهجمات التي تستهدف شبكات الكمبيوتر، والتي ستكون، كما يبدو، مدخلاً الى الحرب في القرن الحادي والعشرين. 

ويرسم ريتشارد كلارك خبير أمن الانترنت السابق في البيت الأبيض، في كتابه الجديد، بعنوان «حرب الانترنت، ملامح سيناريو كابوس تصاب فيه الولايات المتحدة بالشكل جراء هجمات على الانترنت، ولا يستطيع
الخبراء حتى تحديد الدولة التي هاجمتهم. ويقول كلارك انه يعتقد ان الولايات المتحدة والصين ودولاً اخرى تتبادل في ما بينها عمليات قرصنة تستهدف الشبكات الوطنية الحساسة لدى كل منها. ويقارن ذلك بسباق التسلح والمكننة الذي سبق الحرب العالمية الأولى.

ويضيف كلارك: تتحرك وحدات عسكرية من أكثر من ١٢ دولة، بشكل خفي في فضاء جديد للمعركة، ونظراً لأن الوحدات غير مرئية، لم تلحظ البرلمانات ولا الجمهور تحرك هذه القوات... وبينما كان الانتباه موزعاً في أماكن اخرى فإننا قد نمهد الأرض لحرب الانترنت. 

ويقول خبراء ان فيروس «ستوكسنت» «يمكن أن يستخدم في التجسس او التخريب، وانه يهاجم البرمجيات التي تقوم بتشغيل نظم التحكم والاشراف، ونظم الحصول على البيانات. وهو فيروس شديد التعقيد، ومن الواضح ان من قام بتطويره مجموعة تتمتع بدعم تقني ومالي كبيرين، مؤكدين ان منفذي الهجوم خبراء على درجة عالية من التأهيل، وربما كانوا دولة. 

صحيفة «فايننشال تايمز»، التي كانت اول من كشف الستار عن فيروس «ستوكس نيت»، ذكرت ان خبراء أمن الكمبيوتر يعكفون على دراسة سلاح الكتروني جديد هو عبارة عن «قنبلة ذكية»، اساسها فيروس، ربما يكون قد صمم خصيصاً لتخريب منشأة نووية ايرانية. كما نقلت الصحيفة عن الجنرال كيث الكسندر، قائد قيادة التكنولوجيا في وزارة الدفاع الاميركية، وهي قيادة جديدة، انه تقدم بطلب من الرئيس باراك اوباما لمنحه سلطات لادارة شبكات الانترنت في واشنطن، في حال وقوع هجوم الكتروني، ولضمان حماية انظمة الكومبيوتر في البلاد في حالة وقوع هجوم كبير. فإذا استطاع العدو اختراق الكهرباء في واشنطن وفي بقية انحاء الولايات المتحدة، او غيرها من المؤسسات الحيوية، فإنه سيصدر، على الارجح امر «اغلاق». فالأمر ليس موضوع حماية شبكات الكمبيوتر العسكرية فقط، بل «الأمة كلها». 

ومما لا شك فيه ان معظم الحواسيب (الكمبيوترات) الشخصية المباعة حديثاً، تتضمن برامج لمكافحة الفيروسات، الامر الذي يسلط الضوء على مدى انتشار هذه الفيروسات، ومدى قبول صناعة الكمبيوتر بها، كقدر لا مفر منه. وحالياً هناك الآلاف من فيروسات الكمبيوتر، التي يمكن تصنيفها الى فئات عدة، لكنها كلها تخضع لتعريف مشترك وبسيط، وهو ان الفيروس برنامج كمبيوتر مصمم عمداً ليقترن ببرنامج آخر، بحيث يعمل الفيروس عندما يعمل ذلك البرنامج، ومن ثم يعيد انتاج نفسه باقترانه ببرامج اخرى. 

ويقترن الفيروس بالبرنامج
الاصلي، بإلصاق نفسه به، او باستبداله احياناً، وقد يغير نفسه عند اعادة الانتاج، فيظهر كنسخة معدلة عن النسخة التي قبلها، كلما كرر العملية. ويمكن ان تتلوث برامج «الماكرو» بالفيروس، او على القرص، وهو اول برنامج يتم تحميله من قرص يحمل ملفات اقلاع نظام «قطاع الاقلاع». فالفيروسات لا تظهر مصادفة، بل يخلقها (ينتجها) مبرمجون ذوو مهارات عالية في العادة، ثم يجدون طريقة لنشرها في اجهزة المستخدمين الغافلين عنها. وكلما اصبحت برامج مكافحة الفيروسات اقوى، كلما زاد المبرمجون من جهودهم لتطوير فيروسات أذكى، للتحايل عليها. 

وأسوأ الفيروسات التي واجهت أجهزة الكمبيوتر، على الاطلاق هي الآتية:
- فيروس «برين» ١٩٨٦: لم يكن هذا الفيروس مضراً لاجهزة الحاسوب لكنه اطلق صناعة الفيروسات، وأعطى افكارا لاكثر من مئة ألف صانع فيروسات، طوال عقدين من الزمن.
- فيروس «مايكل انجلو» (MS. Dos) ١٩٩١: يعتبر اسوأ فيروس يصيب نظام «قرص فلوبي» يدخل الى الكمبيوتر، مما يسبب انتشار الفيروس بسرعة كبيرة، وتدمير البيانات.
- فيروس «ميليسا» ١٩٩٩: دمر هذا الفيروس انظمة البريد الالكترونية كاملة من خلال ارسال الكمبيوتر اعدادا هائلة من الرسائل الالكترونية، وقد تم القبض على صانعه وحكم عليه بالسجن لمدة ٢٠ شهراً.
- فيروس «احبك» ٢٠٠٠: وهو احد اول الفيروسات التي تخدع المستخدمين لفتح ملف ما، ويأتي على شكل رسالة غرامية. وقد وصل عدد الحواسيب التي تأثرت به الى ١٠٪ من أجهزة العالم، مما سبب خسارة تقدر بنحو ٥.٥ مليارات دولار.
- فيروس «كود ريد» ٢٠٠١: استهدف هذا الفيروس خادمي شبكات الانترنت بدلاً من المستخدمين، وقام بتدمير المواقع الالكترونية على عناوين جهاز الكمبيوتر بما فيها الخاصة بالبيت الابيض.
- فيروس «نيمدا» ٢٠٠١: أصاب خادمي الشبكات والآلات، واصبح بعد اصداره بـ٢٢ دقيقة فقط اسرع الفيروسات انتشاراً.
- فيروس «كليز»: هو اقوى فيروس اصاب البريد الالكتروني في العام ٢٠٠٢، وذلك في ضوء المدة الطويلة التي ظل خلالها يهدد آلاف المستخدمين والمبحرين في الشبكة العنكبوتية.
- فيروس «سلامر» ٢٠٠٣: وهو عبارة عن دودة سريعة الانتشار وقد اصاب حوالي ٧٥ ألف نظام في عشر دقائق فقط.
- فيروس «ماي دووم» ٢٠٠٤: وهو أسرع فيروس يصيب البريد الالكتروني.
- فيروس «ستورم» ٢٠٠٧: هو أسوأ فيروس حديث، ينتشر عبر البريد الالكتروني، وقد اصاب اكثر من عشرة ملايين جهاز كمبيوتر في العالم.
- فيروس «ستوكس نيت»: هو عبارة عن برنامج كمبيوتر خبيث يهاجم انظمة التحكم الصناعية المستخدمة على نطاق واسع، التي تنتجها شركة «سيمنس» الالمانية، ويمكن استخدامه في التجسس والتخريب.

الأسبوعية

https://taghribnews.com/vdcf11d0.w6deeaikiw.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز