تاريخ النشر2015 21 June ساعة 16:16
رقم : 195611

الصَّوم مدعاة للتَّواضع

تنا
الصَّوم بما يعنيه من التوجّه إلى الله، وبما يعنيه من عبادة توصلنا إلى الله، لا يمكن أن يخالطه شيء من التّكبّر، فعندما نعيش مع الله تعالى، علينا أن نعيش معنى التَّواضع لله والتَّواضع لعباده .
الصَّوم مدعاة للتَّواضع

محمد عبدالله فضل الله
من أهداف الصَّوم أنَّه يهيِّئ للإنسان الأجواء الرّوحيَّة والأخلاقيَّة الصّافيَّة والرّاقية، الَّتي تحفِّزه على التَّفكير في نِعَم الله عليه، والَّتي لا تُعدّ ولا تُحصى، والتأمّل في مسيرة وجوده وما عليه من مسؤوليَّات وأدوار في هذه الحياة، كي يستغلَّ كلَّ لحظةٍ وكلَّ قيمةٍ ومعنى، من أجل أن يفتح مداركه وآفاقه على الله وعلى مسؤوليَّاته تجاه نفسه ومجتمعه. وعندما يعي الإنسان ما لله من عظمةٍ لا حدَّ لها، تصغر إذ ذاك نفسه في عينه، فهو المخلوق المحدود في قدراته وطاقاته أمام الله تعالى وعظمته.

من هنا، علينا أن نحارب أيَّ تكبُّرٍ وأيّ خيلاء نعيشها في ممارساتنا وسلوكيَّاتنا، فلا يتكبّر الزّوج على زوجته، ولا القويّ على الضَّعيف، ولا الجار على جاره، فمن أخلاقيَّات الصَّوم الأساسيَّة، أنها تدعو الإنسان إلى التَّواضع والأخلاق الحسنة، وعدم التكبّر على الآخرين أو إشباع هذه النَّزوة من خلال تصرّفات غير مقبولة، بحيث لا يحترم مشاعر الآخرين، ولا يحسب لها حساباً، بل يعيش الاستعلاء والعجب بالنَّفس والاعتداد بها.

فالصَّوم بما يعنيه من التوجّه إلى الله، وبما يعنيه من عبادة توصلنا إلى الله، لا يمكن أن يخالطه شيء من التّكبّر، فعندما نعيش مع الله تعالى، علينا أن نعيش معنى التَّواضع لله والتَّواضع لعباده، ونعطي من أنفسنا الخير كلَّه، والرّحمة كلَّها، والعطف كلَّه، والعلم النَّافع، فالصَّائم مَنْ تواضعَ في نفسه، وانطلق لتحمّل مسؤوليَّاته أمام الله، فتواصل مع النَّاس، وعاش التّراحم والتَّكافل والصَّبر والتَّضحية، وسخَّر كلَّ طاقاته في سبيل نشر التَّسامح والمحبَّة وإصلاح ذات البين، وشارك النَّاس في همومها، وفي أحزانها وأفراحها، وخالطها مخالطة المحسنين، الّذين ينشرون كلَّ فضيلة تترك الأثر الطيِّب الَّذي يخفِّف من ضغوطات الحياة وتعقيداتها.

إنَّ معنى أن تصوم لله، يعني أن تخلص له في عبادته. والإخلاص لله هو غاية التَّواضع، إذ يدعوك الخالق إلى أن تكون من أهل الصَّوم والعبادة، كي تمارس فعل العبادة ممارسةً حيّة، فتنفتح على كلِّ الأوضاع والعلاقات بقلبٍ سليم، وروحٍ سامية، وعقلٍ متحرِّك، ونفسيَّةٍ متواضعة تبني، لا نفسيَّة متكبّرة تسيء إلى ذاتها والآخرين، ولا تعي معنى صومها وعبادتها.
https://taghribnews.com/vdccspqss2bqoe8.caa2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز