تاريخ النشر2015 21 June ساعة 12:06
رقم : 195499

قراءة في كتاب (الإسلام والعقلانية) للمفكر زكي الميلاد

تنا
هذا الكتاب يتطلع إلى تطوير المعرفة بفكرة العقلانية في المجال الإسلامي، وتنمية الوعي بهذه الفكرة، ولفت الانتباه إليها، واستعادة الحديث عنها، املا في تحويلها إلى عمل وسلوك في حياتنا اليومية، الفردية والاجتماعية، ولتكون أداة لنا وسلاحا في مواجهة وتفكيك ذهنية الخرافات والأوهام، ونبذ الموروثات الميتة والتقاليد الجامدة، وكل ما يندرج في إطار اللامعقول وما يقع ضد العقل والعقلانية.
قراءة في كتاب (الإسلام والعقلانية) للمفكر زكي الميلاد

 كتبه: حسين نوح المشامع
  
 كتاب: (الاسلام والعقلانية)

المؤلف: زكي ميلاد 

يحتوي الكتاب على مقدمة، وخمسة فصول تحت كل منها عدة ابواب أو عناوين. 

جاء في المقدمة إن هذا الكتاب يتطلع إلى تطوير المعرفة بفكرة العقلانية في المجال الإسلامي، وتنمية الوعي بهذه الفكرة، ولفت الانتباه إليها، واستعادة الحديث عنها، املا في تحويلها إلى عمل وسلوك في حياتنا اليومية، الفردية والاجتماعية، ولتكون أداة لنا وسلاحا في مواجهة وتفكيك ذهنية الخرافات والأوهام، ونبذ الموروثات الميتة والتقاليد الجامدة، وكل ما يندرج في إطار اللامعقول وما يقع ضد العقل والعقلانية. 

وجاء عن "فكرة العقلانية.. إشكالية مزدوجة": تحددت إشكالية التعامل العقلانية في ساحة الفكر العربي المعاصر في اتجاهين متشابكين. اتجاه يتسم بطابع التنكر والإهمال، وقد يصل إلى حد الطمس والإلغاء، ويتعلق بطريقة التعامل مع فكرة العقلانية في الإسلام والثقافة الإسلامية. وإتجاه يتسم بطابع الدهشة والانجذاب، وقد يصل إلى التبعية والافتتان، ويتعلق بطريقة التعامل مع فكرة العقلانية في أوربا والثقافة الأوربية. 

كما وجاء في "فكرة العقلانية... والثقافة الأوروبية" قول المؤلف: المثقفون الذين اتصلوا بفكرة العقلانية في الثقافة الأوروبية برروا هذا الموقف بثلاثة عناويين، اتخذوا منها ذريعة لإكساب هذا الموقف تقبلا ومشروعية عندهم، هي: أولا: العقل الكوني. ثانيا: العقل الحديث. ثالثا: أن العقلانية هي ابتكار غربي حديث. 

وجاء تحت عنوان "فكرة العقلانية..  وموجة النقد" ما يلي: العقلانية التي تمسك بها المثقفون في المجال العربي، واعتبروا أنهم وجدوا فيها ضالتهم، وكان لها وقع السحر عليهم، وظلوا يدافعون عنها، ويستنجدون بها، هذه العقلانية ومن دون أن يحتسب هولاء تعرضت إلى موجة عنيفة من النقد في داخل معقلها وفي حصنها الحصين، وزج بها في دائرة الشك، ووضعت موضع المسائلة والاتهام .

وجاء عن "فكرة العقلانية... والحجب عن الثقافة الإسلامية": الوجه الآخر في إشكالية التعامل مع فكرة العقلانية في ساحة الفكر العربي المعاصر يتصل بطريقة التعامل مع فكرة العقلانية ومنابعها في الإسلام والثقافة الإسلامية، فهناك ما يشبه التنكر والإهمال، وقد يصل إلى حد الطمس والإلغاء، وقطع الطريق عن تلمس منابع هذه الفكرة في الإسلام والثقافة الإسلامية. وعند النظر في هذه الإشكالية وخلفياتها وأبعادها تتكشف المواقف التالية: أولا: هناك من يرى أن العقلانية ومنابعها هي سمة خاصة بالغرب. ثانيا: هناك من يرى أن شعلة العقلانية في الثقافة الإسلامية انطفأت بعد عصور التراجع والجمود التي مرت على العالم الإسلامي. ثالثا: هناك من يرى أن العقلانية وجدت في الثقافة الإسلامية، لكن وصلت إلى ذروتها في الثقافة الأروبية. رابعا: هناك من يرى صراحة ضرورة القطيعة مع فكرة العقلانية في الثقافة الإسلامية. 

وقال المؤلف عن "فكرة العقلانية... والنقد في المجال العربي": لم تسلم فكرة العقلانية من النقد في ساحة الفكر العربي المعاصر، وباتت تتعرض إلى نقد شديد نتيجة ما أصابها من تعثر وتشوه على المستويين النظري والعملي، ومن جوانب هذا النقد ما يلي: أولا: هناك من يرى أن العقلانية في المجال العربي تحولت إلى عقلانية معاقة وجامدة. ثانيا: هناك من يرى أن فكرة العقلانية تواردت عليها ضروب من الشبهة والإشكال، وتطرقت إليها صنوف من الخلل والفساد. ثالثا: أن ما يثيره أي حديث في حصيلة العقلانية في الفكر العربي المعاصر ناجم عن عملية المماهاة بين العقلانية وبين تيار الليبرالية العربية. رابعا: هناك من يرى أننا في المجال العربي لم نبتكر في هذا العصر عقلانية نقدمها إلى العالم، في فروع العلم، أو أنظمة الحكم، أو نماذج العمل، أو صيغا للعلاقات بين البشر. ولم نمارس بعد علاقتنا بالعقل بطريقة حية فاعلة، لا من جهة التعاطي مع العقلانيات الموروثة عن الماضي، ولا من جهة التعامل مع العقلانيات
المقتبسة عن الغربيين. سا: وجد البعض أن مقولة النزعة العقلانية في الإسلام خضعت لتوظيفات أيديولوجية لها علاقة بطبيعة النزاعات السياسية، والخصومات الفكرية.

تحت عنوان "الخشية من العقل... والجذور الفكرية والتاريخية" قال المؤلف: مدار هذه الخشية ومركبها يتحدد في الخوف من اختلال توازن العلاقة بين العقل والدين، واضطراب هذه العلاقة بطريقة تؤدي إلى تقدم العقل على الدين، أو تفوق العقل على الدين، أو خروج العقل عن سيطرة الدين، أو تحول الدين إلى مجرد قوانين عقلية يتحكم فيها العقل، أو الإعلاء من شأن العقل، بما يؤدي إلى التحلل من الالتزامات الدينية ومن الشعائر والعبادات، أو إضعاف الإيمان والوازع الإيماني، أو جعل الدين ساحة للمناظرات والمناقشات العقلية الجدلية العقيمة، أو غيرها. 

وعن "الخشية من العقل... صور وتجليات" قال المؤلف: من المواقف التي تجلت فيها الخشية من العقل في المجال الإسلامي المعاصر موقف الشيخ عبدالحليم محمود في كتابه (الإسلام والعقل)، الكتاب الذي وضع فيه الشيخ العقل في دائرة الشك والاتهام، وظل يخطئه، ويصوب عليه سهام النقد، وكأنه بمثابة خطر ينبغي وقاية الدين منه، وحمايته من شره وبلائه، وتحصينه من سيئاته وآفاته، وبقي الشيخ على هذا الموقف متمسكا به، من أول الكتاب إلى نهايته. 

وجاء في "الخشية من العقل... والتراجع الحضاري" قول المؤلف:  هناك علاقة طردية يمكن التسليم بها في هذا الشأن، وتتصل بتأثير عاملي التقدم والتراجع في تغيير الموقف اتجاه العقل والعقلانية، ففي وضعيات التقدم يكون الموقف عادة اتجاه العقل والعقلانية أكثر قربا وانفتاحا وثقة وتوهجا، وفي وضعيات التراجع ينقلب الموقف، ويكون أكثر بعدا وانكماشا وحذرا وجمودا. 

وجاء في كلام المؤلف عن "مناصرة العقل والعقلانية" ما يلي: من أبرز هذه المواقف التي تلفت الانتباه في العصر الحديث موقف الشيخ محمد عبده، الذي اصبح قطبا في كتابات المؤرخين والمفكرين المعاصرين، حول العقل والعقلانية في الإسلام، فقد عده الدكتور إبراهيم مدكور من أنصار المذهب العقلي، وأنه بذل جهودا كثيرة في التوفيق بين النقل والعقل، وبين الدين ومستحدثات العلم، وأيد المعتزلة تأييدا شديدا فيما ذهبوا إليه من حرية الفرد واختياره. 

وعن "تفرد خطاب العقل في القرآن" قال المؤلف: تحدث القرآن الكريم عن العقل والعقلانية في آيات كثيرة، مكية ومدنية، جاءت صريحة وواضحة، لا تحتاج إلى تأويل أو برهان، ووردت بطريقة تلفت الانتباه بشدة، وتثير الدهشة بأعلى درجاتها، وتبعث على التأمل والنظر في خطاب العقل والعقلانية، وتستدعي الحاجة لاستكشاف حكمة هذا الخطاب ومقاصده، وضرورة التعرف على حقله الدلالي. 

واورد الكاتب أن هناك أمام "خطاب العقل في القرآن... ثلاث مفارقات متغايرة" مضادة ومباينة لهذا الموقف القرآني، تتصل بثلاثة نطاقات مختلفة، هي: أولا: عدم التناسب ما بين خطاب العقل في القرآن، وما بين تقلص خطاب العقل والعقلانية في ثقافة واجتماع جمهور المسلمين المعاصرين. ثانيا: عدم التناسب الشديد ما بين خطاب العقل والعقلانية في القرآن، وما بين مواقف الخشية من خطاب العقل والعقلانية التي تظهر في ساحة الفكر الإسلامي، والمواقف التي انعكست على طريقة النظر لخطاب العقل في القرآن، من جهة الحد لأهمية وقيمة وفاعلية هذا الخطاب. ثالثا: عدم التناسب الشديد ما بين خطاب العقل والعقلانية في القرآن، وبين ما ظهر في ساحة الفكر العربي المعاصر من مواقف قلصت وضيقت أفق الخطاب القرآني. 

وقال المؤلف عن "خطاب العقل في القرآن.... والصيغة الفعلية": من الملاحظات التي تلفت الانتباه بشدة في خطاب القرآن الكريم، أن جميع تسميات العقل التي وردت بصيغة الفعل، ولم ترد مرة واحدة بصيغة الاسم، وقد توقف عند هذه الملاحظة الكثير من الباحثين العرب والمسلمين، وحتى من الأوروبيين، وسوف يتوقف عندها كل من ينظر ويتأمل في خطاب العقل والعقلانية في القرآن. 

وجاء في كلام المؤلف عن "الدكتور محمد أركون وخطاب العقل في القرآن": عند النظر في محاضرة الدكتور اركون بعنوان (العجيب الخلاب في القرآن)، يمكن تحديد رؤيته في ثلاثة أركان: الأول: يرى الدكتور أن (التحليل اللفظي والنحوي والأسلوبي للمقاطع القرآنية التي تحتوي على عقل يكشف عن فعالية الإدراك، والتصور لدلالات متعالية يقوم بها وعي لا يتجزأ. الثاني: إن هذه العبارات المذكورة في الآيات القرآنية ذات التلوينات الواضحة لا تتطلب في نظره (استخدام الفهم المنطقي الذي يطابق بين الفكرة الواضحة والحقيقية الخارجية عنها بصفتها حقيقية واقعية، ترد هذه العبارات أو الآيات دائما بعد التذكير بنعم الله
على البشر، وتدخله في تاريخ النجاة الأخروي). 

وفي كلام المؤلف عن كتاب الدكتور محمد الجابري في "خطاب العقل في القرآن" المعنون "تكوين العقل العربي"، وقد تطرق فيه إلى موردين هما: الاول: في سياق الكشف عن المفارقة والاختلاف بين مفهوم العقل في الثقافة اليونانية القديمة والثقافة الأوروبية الحديثة من جهة، ومفهوم العقل في الثقافة العربية الإسلامية من جهة أخرى. ثانيا: في سياق الكشف عن كيف تتحدد المعقولية في البيان العربي والكلام الإسلامي؟ 

ونقل المؤلف حديث الأديب المصري 'عباس محمود العقاد' عن "خطاب العقل في القرآن" في كتابه (التفكير فريضة إسلامية)، وكتابه (الإنسان في القرآن)، أن تكرار الإشارة إلى العقل لا يأتي بمعنى واحد من معانيه، التي يشرحها النفسانيون من أصحاب العلوم الحديثة، بل هي تشمل وظائف الإنسان العقلية، على اختلاف أعمالها وخصائصها، وتتعمد التفرقة بين هذه الوظائف والخصائص في مواطن الخطاب ومناسباته، فلا ينحصر خطاب العقل في العقل الوازع، ولا في العقل المدرك، ولا في العقل الذي يناط به التأمل الصادق والحكم الصحيح، بل يعم الخطاب في الآيات القرآنية كل ما يتسع له الذهن الإنساني من خاصته أو وظيفته. 

ونقل المؤلف محاولة الدكتور محمد إقبال في ربط فكرة أو "نظرية ختم النبوة" بتطور دور العقل في الإسلام،: وإشارة إقبال إلى هذه النظرية عند حديثه عن روح الثقافة الإسلامية في كتابه (تجديد التفكير الديني في الإسلام)، وجاءت في سياق الكشف عن القيمة الثقافية لفكرة ختم النبوة، التي وصفها إقبال بالفكرة الإسلامية العظيمة. 

وذكر المؤلف اظهار الدكتور علي شريعتي تأييدا واضحا لنظرية إقبال في ختم النبوة. ولعل من السهولة حصر النصوص التي تشرح وجهة نظر شريعتي في هذا الشأن، في نصين أساسيين هما: الأول: (أن النبي عندما يصف نفسه بأنه خاتم الأنبياء، لا يريد القول بأن ما قاله يكفي البشرية إلى الأبد، بل مراده من الخاتمية أن الإنسانية كانت إلى ذلك الحين محتاجه إلى هدايتها من قبل ما وراء الطبيعة والتربية البشرية، أما الآن أي في القرن السابع الميلادي، وبعد ازدهار الحضارة اليونانية والرومانية ومن ثم الإسلامية، وبعد نزول التوراة والإنجيل وعلى أثرهما القرآن. فقد تلقت البشرية ما يكفي من التعاليم الدينية. النص الثاني: في الإسلام أفهم الخاتمية على أساس أن الرسالة التي تعهد الأنبياء بها بين أقوامهم حتى الآن، على المفكرين أن يوصلوها من الآن فصاعدا. 

وعند كلام المؤلف عن "البهشتي...ونظرية ختم النبوة" قال: يمكن تحديد رؤية الدكتور البهشتي وموقفه في ثلاثة أبعاد: الأول: له علاقة بالطريقة والأسلوب في التعامل مع الأفكار والأشخاص، وأن يكون الحوار والنقاش في أجواء هادئة، وبعيدا عن الضجيج، حتى يجري تبادل الرؤى بصورة منطقية وبناءة، وأن يكون الإنسان مهتما بالحق، وحريصا في كلامه وسلوكه ومواقفه لئلا يتضرر الحق بسببه. البعد الثاني: له علاقة بطريقة تكوين المعرفة بفكرة ختم النبوة، وتحددت في نقاط أربع:

01: إن ختم النبوة تعني أن عملية تلقي النداء الإلهي للخلق وإبلاغه إياهم قد انتهت. 02: النبي نذير وبشير، وهما قائمان بوجوده وفي مستواه، لكن أصل الإنذار والتبشير يقعان على عاتق الجميع وعلى كل واحد. 03: النبي يتمتع بقوة جذب، فهو أسوة يخلق بإيمانه وعمله وتقواه نوعا من الجاذبية لا تنتهي بختم النبوة. 04: إن النبي جاء بشريعة جديدة وكتاب جديد، وهذا الدور قد انتهى. البعد الرابع: له علاقة بطريقة فهم الدكتور شريعتي. 

وفي كلام المؤلف عن السيد محمد حسين "الطباطبائي ونظرية ختم النبوة" قال: قبل أن يبدي السيد رأيه حول هذا السؤال، توقف عند طبيعة الاستدلال الذي يتقوم به كلام الدكتور شريعتي، وأن هذا الاستدلال يقوم على ((أن الإنسان يخضع كسائر أنواع الوجود الأخرى إلى مسيرة التكامل، وخلال هذه المسيرة تكتسب المجتمعات البشرية بمرور الزمن وتبدل الأعصار أو ضاعا وجودية خاصة؛ تنتج بدورها شروطا جديدة تدعو إلى بروز احتياجات تربوية معينة. 

وعند حديثه عن الشيخ مرتضى "المطهري ونظرية إقبال" قال المؤلف: أن الشيخ المطهري توقف باهتمام عند نظرية إقبال في ختم النبوة، وشرحها وناقشها بطريقة نقدية في كتابه ((الوحي والنبوة))، واعتبر أن إقبال مع جميع النقاط الدقيقة التي انتفع بها كثيرا في الموضوعات الإسلامية التي عالجها وتطرق إليها في كتبه، إلا أنه قد أخطأ في تبرير فلسفة ختم النبوة وتفسيرها. 

وقال المؤلف: أن الدكتور عبدالكريم سروش جدد النقاش الجدلي والنقدي حول نظرية إقبال في ساحة الفكر الديني في إيران، ووسع من دائرته، ورفع من وتيرته، وظهر في موقف المساند لإقبال، والناقد لرؤية الشيخ المطهري وموقفه من
إقبال، وطريقة تحليله لنظرية ختم النبوة. 

وعن "أصول الفقه عند المسلمين الإمامية... والمقولات العقلية" ذكر المؤلف: وردت وتواترت العديد من المقولات التي تلفت الانتباه بشدة إلى فكرة العقل والعقلانية، ولم تكن هذه المقولات مجرد مقولات عادية أو عابرة أو هامشية، كما لم تكن مجرد مقولات بسيطة أو ضعيفة أو باهتة، من جهة المعنى والمحتوى والمضمون، بل كانت تتصف بدرجة عالية من الأهمية والفاعلية والتأثير، رجع إليها، وتوقف عندها، ونظر فيها، كل الذين درسوا وبحثوا وكتبوا في هذا الفن، من علماء الأصول، ومن الباحثين والمشتغلين بهذا الحقل. 

وفي حديثه عن "العقل دليلا" قال المؤلف: تطور الفكر العلمي الأصولي عند علماء الإمامية إلى مرحلة، جرى فيها اعتبار العقل دليلا رابعا، إلى جانب الكتاب والسنة والإجماع، وهي المصادر التي باتت تعرف عند الأصوليين بمصادر الأدلة، أو مباحث الحجة، أو أدلة الأحكام، أو الأدلة الأربعة. 

وفي كلام المؤلف عن "بناء العقلاء" جاء: تكشف هذه المقولة عن الأفق الواسع الذي يتسم به أصول الفقه عند الإمامية، من جهة انفتاحه على العقلاء، كل العقلاء بما هم عقلاء، مقدرا خبرتهم وحكمتهم، ومعترفا بأثرهم وتأثيرهم، ورافعا من شأنهم ومنزلتهم، وداعيا إلى التواصل معهم، والإقتداء بهم، والاستفادة منهم. 

وجاء في حديثه عن "ما حكم به العقل حكم به الشرع" أن هذه المقولة تعد من أقوى المقولات الأصولية، مبنى ومعنى، في نفي التباين والتعارض نفيا تاما، بين العقل والشرع، وكان يفترض من هذه المقولة أن تضع حدا للجدل والسجال القديم والجديد، حول هل العقل والشرع يلتقيان أم ينفصلان، يقتربان أم يبتعدان، يتعاضدان أم يتعارضان؟ 

وفي الكلام عن "العقل بين اتجاهين متعارضين" قال المؤلف: أن في تاريخ تطوره واجه الفكر الأصولي عند الإمامية تحديات عنيفة، هذه التحديات التي نقصدها، تحددت في اتجاهين متعارضين، اتجاه ينزع نحو تصويب العقل بدرجة عالية من الانفتاح، واتجاه مغاير تماما، ينزع نحو تعطيل العقل بدرجة عالية من الانغلاق. 

وعند كلامه عن "النتائج والمستخلصات" تحدث المؤلف قائلا: بقيت الإشارة إلى بعض النتائج والمستخلصات، ومنها: أولا: ثبت بشكل قاطع أن أصول الفقه مثل منبعا ثريا لفكرة العقلانية في المجال الإسلامي.

ثانيا: ما جرى الحديث عنه يكشف عن دور علماء الإمامية في إحياء وتحريك فكرة العقلانية في ساحة الفكر الإسلامي، انطلاقا من علم أصول الفقه.

ثالثا: إن من يريد التعرف على النزعة العقلانية عند الشيعة الإمامية عليه الذهاب إلى أصول الفقه، فهو الحقل الذي برع فيه علماء الإمامية.

رابعا: إن هذه النزعة العقلية الحقيقية عند الشيعة الإمامية هي أكثر ما يشكك ويخطىء موقف الدكتور محمد الجابري، الذي صنف المسلمين الشيعة وحصر معارفهم ومناهجهم في زاوية العرفان أو النظام العرفاني.

خامسا: من الملاحظ أن المقولات العقلية التي عرفت في أصول الفقه، وكشفت عن المنحى العقلاني عند الشيعة الإمامية، لم تتحرك خارج أصول الفقه، وبعيدا عن هذا الحقل، ولم تصل إلى المجالات المعرفية الأخرى، وبالذات المجالات التي تصل بالمعارف والعلوم الإنسانية والاجتماعية. 

وجاء في كلام المؤلف: بعد هذه الجولة من عرض النظريات والمناقشات، الإشارة إلى بعض الملاحظات النقدية، ومنها: أولا: إن هذا التنوع والتعدد في النظريات والأفكار أظهر هذا الموضوع بمظهر الغنى والثراء. ثانيا: هناك قدر من الغموض والإبهام والتعقيد في طريقة صياغة نظرية إقبال. ثالثا: لعلنا لا نختلف إذا قلنا إن وظيفة العقل في الإسلام من حيث السعة والأفق بعد ختم النبوة، قد اختلفت أو تغيرت عما كانت عليه قبل ختم النبوة. رابعا: اعتبر الشيخ مرتضى المطهري في أول انتقاداته على نظرية إقبال، أن إقبال بقصد أو من دون قصد، أراد ختم النبوة فانتهى إلى ختم الدين، حين أحل توجيه العقل التجريبي محل توجيه الوحي. خامسا: لاحظ الباحثون الإيرانيون تغيرا في موقف الشيخ المطهري تجاه نظرية إقبال، إذ تحول من الموافقة والتأييد كما ظهر في كتابه ((محمد خاتم النبيين))، إلى المخالفة والتفنيد كما ظهر في كتابه ((الوحي والنبوة)). سادسا: أضاف الدكتور سروش التباسا لنظرية إقبال، حين وضع هذه النظرية في إطار نظرية برغسون من جهة، ونظرية نهاية التاريخ من جهة أخرى. سابعا: اعتبر الدكتور سروش كلام الشيخ مطهري 
وعن إقبال في كتابه ((الحركات الإسلامية في القرن الأخير))، جاء مشحونا بالتوتر والغضب والألفاظ الخشنة. ثامنا: إذا كان كلام المطهري عن إقبال في نظر سروش كان مشحونا بالتوتر والغضب والألفاظ الخشنة، فإن كلامه هو يضا عن المطهري كان مشحونا بالتوتر والغضب والالفاظ الخشنة. 
 
https://taghribnews.com/vdcgyn9qyak9yt4.,rra.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز