تاريخ النشر2014 10 March ساعة 14:41
رقم : 153966

أوبامـــا.. و معيـــار الهزيمـــة و النصـــر

تنا
ما لا يفهمه الرئيس الأمريكي الذي لا يفكر بمنطق القيم والأخلاق والقانون، بل بمنطق المصلحة والكلفة المادية لتبرير منطق الغطرسة والقوة المدمرة، ويتعامل مع الضحايا كأرقام دون إعتبار لقيمة الإنسان.. هو أن منهج المقاومة العربية والإسلامية الشريفة، تملي على المنخرطين فيها ترجيح كفة كرامة الإنسان التي تختزل في كيميائها أسمى معاني الحرية والعدالة على كافة الإعتبارات المادية من قبيل الدولار والحجر.
باراك اوباما
باراك اوباما

أحمد الشرقاوي

“إيران و روسيا و حزب الله يخسرون في سوريا”..
هذا ما قاله الرئيس الأمريكي في مقابلة مع مجموعة “بلومبرغ” نشرت الثلاثاء، بخلاف كل التصريحات التي صدرت عن مسؤولين كبار بالمخابرات والدوائر العسكرية والسياسية الأمريكية والغربية، لتؤكد دون مجاملة أن “أمريكا فشلت في سوريا بسبب سياسات أوباما الفاشلة”.

أما في السعودية وإسرائيل، فحدث ولا حرج، بدليل حملات الإنتقادات القوية والعلنية التي صدرت عن مسؤولين كبار في هذين الكيانين الهجينين لسياسة أوباما الفاشلة في سوريا والشرق الأوسط عموما، وذلك منذ أن تخلت إدارة أوباما عن خيار الضربة العسكرية لإسقاط دمشق، وفشلت حملات الإرهاب في تغيير موازين القوى على الأرض، وأدركت هذه الأدوات (السعودية وإسرائيل) أن سورية ستنتصر بقدرة جيشها وحلفائه على الحسم في الميدان. وهو ما جعل ‘جون كيري’ يقول “أننا لن نسمح للأسد بإعلان الإنتصار، وسندعم المعارضة ‘المعتدلة’ بالسلاح”.

وخشية من إنتصار الأسد، قررت المملكة الوهابية إعداد جيش ضخم من المرتزقة يدرب في الأردن وأفغانستان ليكون بديلا عن الجيش العربي السوري بعد سقوط دمشق، فيما إستبدّ القلق بالعقل الصهيوني الجبان، فقرر إقامة منطقة عازلة بين الجولان المحتل والوطن الأم سوريا.

لعنـــة سوريـــا تصيـــب الأعـــداء
وإذا أضفنا لما سبق ما يمكن تسميته بـ”لعنة سوريا”، فيكون رحيل الحمدين اللذان أنفقا مليارات الدولارات وجيّشا الإعلام والإرهاب لإسقاط سوريا دون نتيجة.. وإقالة هيلاري كلينتون التي فشلت في تعبأة الرأي العام الدولي ضد “الأسد” ونزل عدد “أصدقاء سوريا” من ١١٤ دولة إلى ١١ بعد أن أدرك العالم حجم المؤامرة على فلسطين ومحور الممانعة والمقاومة في المنطقة.. ونهاية ولاية الرئيس الفرنسي ‘ساركوزي’ من دون أن يسقط “الأسد” عن عرش دمشق كما وعد، وهو الرئيس الذي أنهى عهده بفضيحة “رشوة القذافي”.. والرئيس المعزول ‘محمد مرسي’ الذي وعد بإرسال جيش من “المجاهدين الإخوان” لقتال الجيش العربي السوري، ... والأمير الأزرق ‘بندر’ الذي أحيل على التقاعد في المغرب بعد أن فشل بما وعد به أمريكا في سوريا برغم تجييشه لكم هائل من التكفيريين والمرتزقة القادمين من كل أصفاع الأرض.. والسفير ‘فورد’ الذي فشل في توحيد “معارضة العملاء”، مرورا بمسؤولين في المخابرات والأمن القومي الأمريكي الذين أقيلوا من مناصبهم بسبب فشلهم في إسقاط سوريا..

ولا يمكن أن ننسى بسبب المرارة، حركة حماس التي سقطت بدورها من قلوب الشرفاء، بعد أن اكتشف الجميع خيانتها لمن قدّم لها الأمن والمأوى والدعم بالمال والسلاح لسنوات طويلة، فتنكرت لأسد الشام ولقضية فلسطين، وتورطت في الحرب على سوريا وحزب الله ، سواء من خلال فضيحة الأنفاق وتقنية زرع المتفجرات في القصير، أو تحضير الإرهابيين في مخيمات لبنان لتحويل الفلسطيني إلى رمز للأرهابي الإنتحاري الذي لا يمكن أن تقبل “إسرائيل” اليهودية بعودته لما يشكله من خطر داهم على أمنها القومي، أو من خلال محاربة عناصرها لجند حزب الله في سوريا، وإستعمال الطائرات من دون طيار الإيرانية للدفاع عن التكفيريين المجرمين القابعين اليوم بـ’يبرود’ في انتظار أمر العمليات الإسرائيلية لدعم إخوانهم العملاء في الجولان، على الشريط الحدودي الذي تعتزم إقامته إسرائيل خوفا من فتح جبهة المقاومة كما وعد الرئيس “الأسد” صيف ٢٠١٣.

وبالتالي، فإذا أخذنا بالإعتبار فقط هذه المعطيات الظاهرة من بين أخرى لا تزال خفية، نكون أمام نتيجة حاسمة، قاطعة، ونهائية، مفادها، أن أمريكا وحلفائها فشلوا فشلا ذريعا في تحقيق أهدافهم بالحرب على سوريا، رغم ثلاث سنوات من الإبتزاز السياسي، والحصار الإقتصادي، والتآمر الأمني، والعدوان العسكري الناعم.

وقائـــع الميـــدان تُكـــذّب ‘أوبامـــا’
وحيث أن الأمر كذلك، فمن يصدق اليوم الرئيس ‘أوباما’
حين يقول أن “إيران وروسيا وحزب الله يخسرون في سوريا”؟.. لأنه إذا كان هؤلاء يخسرون فبالتأكيد لا يمكن إعتبار أمريكا وإسرائيل والسعودية وغيرهم من جوقة التآمر يكسبون شيئا يذكر في سوریا، غير لعنة الدم وغضب الله وسخط التاريخ، وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك فقط “خاسر” في حرب إقليمية ودولية بحجم الحرب التي تدور اليوم في سوريا، بدليل أن المنتصر حتى الآن على الأقل، هو من تُحدّثنا عنه أخبار المعارك على أرض الشام المقدسة كل يوم، فنرتشفها بسرور مع قهوة الصباح، لأننا ومنذ أشهر عدة لا نسمع إلا إنتصارات باهرة يحققها الجيش العربي السوري وحلفائه على مجموع تراب الوطن، في حين يتقهقر جيش التكفيريين والمرتزقة، وأصبح اليوم حزب الله يصطادهم في كمائن كطرائد شاردة، تراهم سكارى وما هم بسكارى ولكن رعب جند الله عظيم.

وخير دليل على ذلك، كمين الغوطة الشرقية الأخير الذي خلف ١٧٥ قتيل من كلاب الجحيم في واقعة هزت جنرالات ومخابرات العالم الغربي وإسرائيل، وإعتبروها تقنية جديدة مرعبة ابتدعها حزب الله لأول مرة في سوريا، بإعتماد التفجير من خلال خيوط الأشعة ما تحت الحمراء التي لا ترى، بحيث لا يحتاج الأمر إلى تفجير عن بعد ولا مراقبة، بل فقط خطة ذكية ومحكمة، لإستدراج التكفيريين للفخ القاتل. هذا الأمر جعل المخابرات الألمانية تحذر إسرائيل من أية مغامرة غير محسوبة ضد حزب الله، لأنه يخبأ من المفاجآت ما سيقلب كل المعادلات في المنطقة. وهذه وحدها كانت رسالة من حزب الله هزّت الكيان الصهيوني وطردت النوم من جفون ساساته وجنرالات جيشه. 

في حيرة من أمره، ولم يجد بعد الطريقة المثلى لمواجهة هذا العدو الشبح المسمى “حزب الله”، والذي يُحمّله ‘أوباما’ مسؤولية فشل محور أمیرکا في سوريا منذ معركة “القصير”، وها هو اليوم على وشك الحسم في معركة “يبرود”، التي لا تقل أهمية من الناحية الإستراتيجية عن معركة “القصير”.

وإذا كانت الوقائع في سوريا تتحدث عن نفسها ولا تحتاج لدليل أكبر من النقل المباشر بالصوت والصورة لمجريات المعارك، فما هو المقياس الذي إعتمده الرئيس أوباما في تقييمه لخسارة محور المقاومة مجتمعا في سوريا؟.. وما هي المعطيات الموضوعية التي أسس عليها حكمه؟..

مقيـــاس أوبامـــا و معيـــار المقاومـــة
يقول أوباما بشوفينية واضحة وعنجهية فاضحة: “أنا دائماً أستمتع بمرارة بعبارة أنّ إيران بطريقة أو بأخرى انتصرت في سوريا. هذا يستنزفهم لأنه عليهم إرسال مليارات الدولارات. وكيلهم الرئيسي، حزب الله، الذي كان لديه موقع قوي ومريح في لبنان، يجد نفسه اليوم مهاجماً من قبل المتطرفين ‘السنّة’، وهذا ليس جيّداً لإيران. هم يخسرون بقدر أي شخص آخر. والروس يجدون صديقهم الوحيد في المنطقة (الأسد) وسط الأنقاض”.

من الواضح أن ما قاله الرئيس ‘أوباما’ عن خسارة محور المقاومة في سوريا جاء من باب التعمية على الحقائق القائمة على الأرض في محاولة يائسة لتقييم الربح والخسارة بالمعيار المادي الصرف، وذلك من خلال تركيزه على “المليارات” التي تخسرها إيران، وخسارة حزب الله للموقع السياسي القوي والمريح الذي كان له في الحكومة اللبنانية وتعرضه بالتالي لهجوم إرهابي مكثف وممنهج من قبل إرهاب السعودية و ١٤ سمسار، يستهدف بيئته الحاضنة بسبب تدخله في سوريا (وفق ما يعلنون)، وما بقى لروسيا من سوريا التي تحولت إلى “أنقاض” بسبب إصرارها على الدفاع عن حليفها “الأسد”، وكأن ما يهم روسيا من سوريا هو العمار.

يستطيع الرئيس ‘أوباما’ أن يقول ما يشاء، لأنه لم يعد يصدقه في هذا العالم حتى اقرب حلفائه، لكنه حتما لا يمتلك قوة رئيس دولة عظمى واثق من نفسه، يعرف ما الذي يريده ويخدم مصلحة بلده، ولا شجاعة القائد والزعيم السياسي النبيل الذي لا يكذب على شعبه ويعترف بأخطائه، وأنه مثله مثل من سبقوه إلى البيت الأسود، لا يعدو أن يكون أداة تُنفّذ بإخلاص السياسات التي تُملى عليه بكرة وعشية من قبل تحالف دولي خبيث، يجمع اللوبي اليهودي الصهيوني، والمسيحي الصهيوني، والعربي الصهيوني، في تقاطع مصالح عجيب غريب، يصب بالنهاية في خدمة أسطورة “إسرائيل”، الدولة اليهودية الموعودة لشعب الله المختار، وأرض الميعاد والخلاص.

وعلى هذا الأساس، فهدف الحرب في و على سوريا لا يكتسي الطابع الأخلاقي أو الإجتماعي من حرية وكرامة وعدالة إجتماعية، بل طابعا سياسيا يخفي في باطنه عاملا دينيا، يتمثل في الإيمان حد اليقين برؤية خرافية بلغت في العقل الغربي مكانة الأسطورة، وهذا بالضبط ما يفضح اليوم حقيقة العقيدة الوهابية وإرتباطها الوثيق بالعقيدة التلمودية اليهودية، التي تستهدف هدم الإسلام من جذوره على مستوى
العامة وسواد الأمة وليس النخب فحسب، لتسود إسرائيل، ومن أجل ذلك لا بأس من تدمير وتمزيق وتقسيم كل المنطقة العربية، وخصوصا الدول الكبرى التي تمثل جيوشها القوية المتماسكة تهديدا جدّيا لمشروع مملكة “إسرائيل” اليهودية.

إن السؤال البديهي الأول الذي يطرحه الغرب اليوم بالنسبة لسوريا، هو ما مصلحة أمیركا في إعلان الحرب على بلد لا يهدد أمنها القومي؟.. والسؤال الموضوعي الثاني هو: لماذا فشلت أمريكا وحلفائها في تحقيق الأهداف التي رسموها لسوريا، ومنها، إسقاط “الأسد”، وتفتيت الجيش العربي السوري، وتدمير الدولة القائمة بكل مفاصلها، وتقسيم سوريا إلى دويلات ثلاث (سنية، علوية، كردية)؟.. علما أنها أهداف لا تخدم الأمن والإستقرار في المنطقة بقدر ما تخدم طموحات إسرائيل التخريبية، وتسيىء إلى سمعة الولايات المتحدة في العالم أجمع.

وإذا كان الرئيس ‘أوباما’ يعتقد فعلا أن محور المقاومة يخسر في سوريا، وأن أمريكا وحلفائها يربحون بالمقابل، فلماذا ذهب به اليأس والغضب حد تفجير أزمة خطيرة على البوابة الروسية في أوكرانيا لمقايضتها إستقرار منطقة أوراسيا بالتخلي عن سوريا؟.

وإذا كان العقلاء يقيسون الأرباح والخسائر مقارنة بالأهداف الموضوعة، فعلى الرئيس ‘أوباما’ الإعتراف أنه فشل فشلا ذريعا في تحقيق أي من الأهداف المذكورة أعلاه، وفشله هذا لا يقدر بمليارات الدولارات الأمريكية والغربية والسعودية والخليجية التي أنفقت في الحرب الكونية التي أعلنت على سوريا، ولا بعشرات الآلاف من أطنان الأسلحة التي قتلت المواطن السوري ودمرت بنيته التحتية ومؤسساته ومساكنه الآمنة، ولا بالمكانة السياسية التي لم يعرف كيف يستغلها رئيس أقوى دولة في العالم خدمة للأمن والسلام والعدالة الدولية، ليدخل التاريخ من بوابة الزعماء العظام الذين تركوا بصمتهم على الإنسانية.

ما لا يفهمه الرئيس الأمريكي الذي لا يفكر بمنطق القيم والأخلاق والقانون، بل بمنطق المصلحة والكلفة المادية لتبرير منطق الغطرسة والقوة المدمرة، ويتعامل مع الضحايا كأرقام دون إعتبار لقيمة الإنسان.. هو أن منهج المقاومة العربية والإسلامية الشريفة، تملي على المنخرطين فيها ترجيح كفة كرامة الإنسان التي تختزل في كيميائها أسمى معاني الحرية والعدالة على كافة الإعتبارات المادية من قبيل الدولار والحجر.

صحيح أن ما يفوق ثلث العمار في سوريا قد دمّرته الحرب، لكن في عقيدة المقاتل المقاوم، لا يقاس ذلك بالميزان العقيدة الدينية، الذي جعل هدم الكعبة المشرفة حجرا بعد حجر، بالرغن من أنها تمثل رمز القداسة في دنيا المسلمين، أهون عند الله من قتل نفس مؤمنة بريئة.. وبهذا المعنى فليسقط كل الحجر ويبقى الإنسان صامدا كالصخر، شامخا كالجبل، لا يستسلم ولا ينحني إلا لله الواحد القهّار.

لأنه إذا ضاع الإنسان ضاع كل شيىء وانتهى، وإذا بقى عاد البناء والعمار أحسن مما كان، وطاب العيش بكرامة في وطن عزيز، متجانس بأهله وجميع أبنائه. وقد علّمنا التاريخ أن الشعوب التي تنبعث من رماد الحرب هي التي تفهم معنى الحرية والكرامة والعادلة، ومعنى أن ينعم شعب بالأمن والسلام والإستقرار والإزدهار، ومعنى أن يكرس الإنسان حياته لبناء الإنسان وعمار الأوطان، وهذا ما حصل في دول أوروبا الغربية بعد تاريخ طويل من الصراعات الدينية، والحروب الأهلية، والصراعات العالمية بين الشرق والغرب على النفوذ، منذ العصور الوسطى المظلمة وإلى حين سقوط جدار برلين سنة ١٩٨٩، إيذانا بنهاية الإديولوجيا سبب الحروب والصراعات الدموية، وميلاد عالم تحكمه القيم الإنسانية السامية، وشرعة الأمم المتحدة لبناء الأمن وإستتباب الإستقرار وتحقيق السلام، وتقدير المصالح المتبادلة في جو من التعاون والإحترام.

وبالتالي، فمن خرق باستمرار ولا يزال هذا العهد الدولي الذي تحول إلى ميثاق إنساني جامع هي الإدارات الأمريكية المتعاقبة، اقله منذ عهد الرئيس ريغن إلى أوباما اليوم. كما أن من يفكر بعقلية القرن التاسع عشر، وبعقلية الحرب الباردة برغم نهاية عهدها هو الرئيس ‘أوباما’، وليس الرئيس ‘بوتين’ الذي يسعى جاهدا إلى علاقات شراكة متوازنة مع الإدارة الأميركية، تساعد على حل النزاعات وفض الصراعات في إطار إحترام سيادة الدول ومقتضيات القانون الدولي، في حين تسعى الإدارة الأميركية إلى زرع الفوضى في كل أرجاء العالم من خلال الإرهاب، لتحارب من ينافسها وينازعها سياساتها اللا عقلانية بسلاح الجُهّال والجبناء.

لعنـــة سوريـــا تحـــل بالخليـــج
لقد خسرت أميركا وحلفائها وأدواتها في سوريا خسارة عظيمة لم تكن في الحسبان، وحار الخبراء في محاولة فهم مكامن قوة سوريا وحلفائها، وكيف أنهم قاب قوسين أو أدنى من إعلان الإنتصار على أميركا والغرب وإسرائيل وأعراب الزيت، في حرب كونية غير متكافأة لم يشهد لها تاريخ الحروب قديما وحديثا من نظير.. حرب ستغير نتائجها وجه
العالم وموازين القوى في المنطقة، وستنهي إلى الأبد عصر الغطرسة الأمريكية، والعربدة الصهيونية، والحقد السعودي، والخيانة العربية، ليبدأ عصر جديد يصنع فيه محور المقاومة مستقبل المنطقة، وفق قيم القوة لإحقاق الحق والعدل، وقيم المحبة لزرع ثقافة التسامح والإنفتاح والإحترام، بديلا عن ثقافة تجهيل المجتمع، وتكفير التفكير، والتحريض على إستباحة دم ومال وعرض الآخر المختلف في العقيدة والنهج.. ونعني بذلك، ثقافة التخلف والفقر والمرض التي تروج لها قبيلة آل سعود الصهيونية العميلة.

اليوم وصلت “لعنة سوريا” إلى مشيخات الخليج، فأصابتهم في مقتل، لدرجة أنها بدأت تفجر جمعهم وتفتت شملهم. فبعد سلطة عمان التي نأت بنفسها عن السعودية و وهم إتحادها السياسي الخليجي بعد فشل الإتحاد الإقتصادي الذي لم يحقق للمواطن الخليجي تنمية ولا إزدهارا، ها هي قطر تلعب بذيلها لعبة تخريب السياسات السعودية في المنطقة، من مصر إلى اليمن فتركيا ثم إيران وسورية ولبنان.

فجأة إكتشفت السعودية أن قطر الوهابية تحارب آل سعود في مصر من خلال جماعة “الإخوان المسلمين” التي تعتبرها السعودية خطرا داهما على عرشها وأمنها وإستقرارها. واكتشفت أيضا أن الدوحة تمول وتدعم الحوثيين لتقوى شوكتهم على حدود المملكة. واكتشفت أن إيران إخترقت مجلس التعاون الخليجي، وغيرت من سياسة قطر وبالتبعية سياسة تركيا في سورية، فلم يعد دعمهم للإرهاب كما كان أول مرة، وبدأ الإنسحاب بالتدريج، و وافقت دمشق على مقترح إيران لطي صفحة الماضي مع أمير قطر الجديد، وتمت لقاءات بين مسؤولين قطريين ومسؤولين من حزب الله، ففهمت السعودية أن الخطر أصبح على أبواب الرياض، خصوصا بعد إنقلاب “داعش” وتمردها على زعامة ‘الظواهري’ رجل ‘بندر’ الفاشل، وإنطلاق حملة التحريض على محاربة آل سعود في عقر دارهم بشبه الجزيرة العربية.

ولم تجد الرياض من حل لهذه المعضلة سوى سياسة المكابرة والهروب إلى الأمام، فافتعلت تفجير البحرين الذي استهدف ضابطا إماراتيا وآخرين بحرينيين، لتتهم خلية شيعية قالت أن حزب الله اللبناني هو من يقف ورائها، في محاولة خبيثة لإستعمال قانون الإرهاب كسيف “ديموقليس” لإجهاض ثورة الشعب البحريني المباركة والمستمرة منذ ثلاث سنوات من دون أن تهز ضمير الغرب، الذي يتشدق بدفاعه عن مبادىء وحقوق الإنسان وقيم الديمقراطية الشعبية.

بعـد الفشـل في سوريـا، جـاء الـدور علـى حـزب الله
لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل وصل الجنون بحكام الزيت في المملكة الوهابية أن إتهموا “حزب الله” و ”الحرس الثوري” الإيراني بإدخال كميات هائلة من سموم المخدرات إلى المملكة الوهابية.

وأشارت صحيفة “الوطن” السعودية التابعة للبلاط السلطاني، الأربعاء، نقلا عن المدعو اللواء ‘علي التميمي’ عضو اللجنة الأمنية في مجلس الشورى السعودي قوله أنّ بلاده “مستهدفة بإدخال المخدرات إليها لقوتها الاقتصادية وحنكتها ومكانتها السياسية، والحزب المسمى عبثا حزب الله ليس إلا وسيلة هدم للدول العربية”.

ووفق تقرير، إدعت الأحهزة الأمنية السعودية أنها قامت بضبط ما يقارب ٤٣ طنا من الحشيش خلال العام الماضي، إضافة إلى ٥٥ مليون قرص كبتاغون، ونحو ٥٤ كيلوغراما من الهرويين النقي، تجاوزت قيمتها الـ٧ مليارات ريال أي ما قيمته نحو ملياري دولار أميركي، بحسب ما ذكره التقرير. وزعمت الصحيفة أنّه تمّ رصد “شبكات إلكترونية” تابعة لأحزاب سياسية كـ”حزب الله” و “إيران”، تروّج المخدرات إلى السعودية.

وبحسب نفس الصحيفة، فقد أكّد الدكتور ‘الأسمري’، عضو لجنة الاتصالات وتقنية المعلومات في مجلس الشورى السعودي أنّ تورّط “حزب الله” مؤكّد، وأنّه “يمكن تلافيه عن طريق حل استراتيجي على مستوى عال، وهو ما سيتم مستقبلا”. ولم يوضح المسؤول السعودي طبيعة هذا “الحل الإستراتيجي من مستوى عال” كما يقول.

لكننا نعتقد أن الحل الذي يقصده ‘الأسمري’، يكمن بالضرورة في تحريض الحليف الإسرائيلي ضد حزب الله وتمويل حربه العدوانية المقبلة عليه، لترتاح السعودية وإسرائيل من هذا الخطر الوجودي الذي إسمه “حزب الله”.

غير أن ما لا تدركه أمريكا والسعودية وإسرائيل بسبب عمى البصر والبصيرة، هو أن العناية الإلهية تحرس سورية وحزب الله، وأن الله متم لنوره ولو كره الكافرون والمنافقون والمتآمرون.

فراقبوا ما الذي سيحدث بعد “يبرود” و “حلب”، وفشل أمريكا وإسرائيل في الضغط على الرئيس ‘بوتين’ بإفتعال أحداث ‘أوكرانيا’، وإنعكاس كل ذلك على إسرائيل والسعودية في المنطقة، بعد أن سقطت كل الخطوط الحمر وقواعد اللعبة القديمة. 



https://taghribnews.com/vdcjmtevmuqeihz.3ffu.html
المصدر : بانوراما الشرق الاوسط
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز