تاريخ النشر2018 15 September ساعة 23:14
رقم : 359437

«الهبوط الناعم»… هل يقود الصادق المهدي المعارضة السودانية لتسوية مع الحكومة؟

تنا
تواجه الساحة السياسية السودانية سؤالاً ملحاً، يتمثل في احتمالية دخول أحزاب معارضة في حوار جديد مع الحكومة التي يقودها حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم.
«الهبوط الناعم»… هل يقود الصادق المهدي المعارضة السودانية لتسوية مع الحكومة؟
سؤال ساهم في شدة طرحه مؤخراً إعلان زعيم حزب الأمة القومي، الصادق المهدي، ورئيس تحالف «نداء السودان» المعارض تشكيل لجنة مهمتها اقتراح هيكل تنظيمي جديد يتولى الفصل بين مكونات التحالف المدنية والعسكرية. 
وقال «نداء السودان»، في بيان له، إنه «تحالف مدني يعتمد الوسائل السياسية السلمية للوصول إلى أهدافه».
وجاء البيان بعد ساعات من إعلان الرئيس السوداني عمر البشير حل حكومة الوفاق الوطني وتشكيل حكومة جديدة برئاسة معتز موسى، الإثنين الماضي.

ووفق مراقبين، تضمن البيان الصادر في اختتام اجتماعات التحالف في العاصمة الفرنسية باريس مفارقة في إقرار الحوار كوسيلة لمعالجة أزمات البلاد رغم وجود فصائل مسلحة داخل التحالف.

كما اعتبروه إعلاناً مبطناً لقبول دعوات الحوار التي دعا إليها مراراً المسؤولون في الحكومة السودانية. 

ويضم تحالف «نداء السودان» قوى أبرزها حزب «الأمة القومي»، وحزب «المؤتمر السوداني»، و«الحركة الشعبية/شمال»، و«حركة تحرير السودان»، بقيادة مناوي، و«حركة العدل والمساواة» بزعامة جبريل إبراهيم، و«مبادرة المجتمع المدني»، إلى جانب قوى أخرى.

دعوة المهدي
ودعا المهدي في 21 أغسطس/آب الماضي، خلال اجتماعات «نداء السودان»، الحكومة إلى أن «تصدق في مواقفها لتصدق في نهج المصالحات».

ولم يكتف بالدعوة فقط بل ذكّر بقبوله عقد لقاءين مع قيادات من الحكومة السودانية لإطلاق حوار يفضي إلى وفاق وطني. 

ومنذ يونيو/حزيران الماضي، أرسلت الحكومة السودانية وفدين إلى القاهرة لمقابلة وفد حزب الأمة القومي بقيادة المهدي، وكان الوفد الأول بقيادة الفريق الهادي عبد الله، والثاني بقيادة مساعد رئيس الجمهورية فيصل حسن إبراهيم.
ورغم أن المهدي لم يشر إلى بادرة حوار قريبة مع حزب المؤتمر الوطني، لكنه قدم نماذج متعددة للحوار تساهم وفق رؤيته في تحقيق المصالحة السياسية. 

ومراراً دعا الرئيس البشير الحركات المسلحة والممانعين من الأحزاب السياسية إلى اللحاق بالسلام.

وآخر تلك الدعوات كانت، في 21 أغسطس/آب الماضي أيضا، حيث شدّد في خطاب متلفز في مناسبة عيد الأضحى، على «تمسك حكومته بالسلام وبالحوار منهجاً لتجاوز كل العقبات والخلافات».

وأضاف: «نناشد الحركات التي حملت السلاح، ومن تبقى من القوى السياسية التي لا تزال على هامش الانتظار، اللحاق والانضمام إلى المسيرة والمساهمة في بناء السودان الواعد».

رفض الحوار
ويقف الشق الثاني من المعارضة السودانية رافضاً للدخول في تفاهمات سياسية، ويعبّر عن ذلك الموقف بوضوح «تحالف قوى الإجماع الوطني» الذي يضم 11 حزباً»، فهو لا يرى جدوى من الحوار، حسب ساطع الحاج، القيادي في التحالف.
وأضاف: «لدينا في التحالف هدف واحد: تغيير نظام الحكم عبر ثورة شعبية أو انتفاضة».

وترى الحكومة وقادة الحزب الحاكم أن دعوات بعض أحزاب المعارضة إلى إسقاط النظام تعبّر عن «ضعفها وفشلها في استقطاب جماهير، وعدم قدرتها على الفوز عبر صناديق الانتخاب».

والحوار الوطني مبادرة دعا لها البشير عام 2014، وأنهت فعالياتها في أكتوبر/تشرين الأول 2016، بتوقيع ماعُرِف بـ«الوثيقة الوطنية»، التي شملت توصيات بتعديلات دستورية وإصلاحات سياسية. لكن عدداً من فصائل المعارضة بشقيها المدني والمسلح قاطع الحوار. 

وتحول مصطلح «الهبوط الناعم»، الذي يعني الوصول إلى تسوية سياسية عبر الحل السلمي، إلى أحد أهم مرتكزات العمل السياسي السوداني. 

وبات من المألوف تداوله بين القبول والرفض له على مستوى الأحزاب الفاعلة في المعارضة والحكومة على السواء، وفي نقاشات الشارع السوداني. 

الدعوة إلى التسوية السياسية لم تكن جديدة على المشهد، ولم تطرح حديثا، ووفق الحاج «المهدي كان قد دعا إلى الحوار مع الحكومة منذ أربعة أعوام، وتسببت تلك الدعوة في تشكيل التحالفات المعارضة».

التحاور مع النظام
القيادي في حزب المؤتمر السوداني (عضو في تحالف نداء السودان)، نور الدين صلاح الدين، أعلن ترحيبه بالحوار السياسي.

ورحب «بأي حوار يقود لحل أزمات البلاد، لكن وفق اشتراطات من ضمنها إتاحة ممارسة النشاط السياسي للجميع وإلغاء القوانين المقيدة للحريات».

واعتبر التسوية، عبر الحوار، أحد أهم الضمانات لمعالجة الأوضاع الاقتصادية، وتوفير الوقت على البلاد لتحقيق التنمية ووقف الخسائر جراء النزاعات المسلحة.

وأبدى تحفظه على مصطلح (الهبوط الناعم) الذي تتداوله الأوساط السياسية حالياً.

وقال: «المصطلح يوحي بالاستسلام أو التنازل، نحن نعمل من أجل تسوية تقوم على حوار بين الجميع بالتساوي».
وأشار إلى أن الأوضاع القائمة حاليا في البلاد تحتم «الجلوس للوصول إلى حلول سياسية».

ورأى خالد سعد، مدير تحرير صحيفة «اليوم التالي» (خاصة)، وجود محددين للتسوية: الأول يضعه المجتمع الدولي، فيما تفرض الأوضاع السياسية والاقتصادية المحدد الثاني على طرفي الحكم والمعارضة.

بين أن «المجتمع الدولي له دور كبير في دعم الحل السياسي، وليس إسقاط النظام، فهو (المجتمع الدولي) مهتم بدور الحكومة الحالية في دعم وتحقيق سلام جنوب السودان ومحاربة الاتجار بالبشر، وقاد معها تفاهمات لمواصلة تلك الأدوار المهمة التي تلعبها».

وأعتبر أن «لا يمكن أن يدعم المجتمع الدولي أحزابا وفصائل عسكرية تسعى إلى إسقاط نظام حكم لديه تفاهمات مسبقة معه».

وتبعاً لسعد «تواجد الصادق المهدي خارج البلاد، منذ فبراير/شباط الماضي، زاد من تأثير المجتمع الدولي عليه لدعم الحوار مع الحكومة، لسهولة التواصل معه وكونه أحد أهم المعارضين».

ويتمثل المحدد الثاني الداعم لخيار التسوية السياسية، في الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد حاليا، إذ يراها «دافعا قويا للحكومة لقبول حوار سياسي لتلافي تفاقم الأوضاع وتحاشي خيارات وقوع أعمال العنف».

شكل التسوية
ويضع سعد شكل التسوية في التمهيد لإجراء انتخابات مقبلة في إطار إيجاد معالجات قانونية وسياسية، من دون أن تتنازل الحكومة وتقبل بمشاركة أحزاب جديدة لها، وأيضاً عدم رغبة المقبلين على الحوار مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم، دخول الحكومة القائمة حالياً.

وأضاف: «ربما تكون التسوية في التمهيد لإجراء انتخابات تتوافر فيها ضمانات حرية العمل السياسي ورفع القوانين المقيدة للحريات، قد تكون في 2020 أو في توقيت جديد يتم التوافق عليه، فجميع الأطراف الدولية والداخلية تدعم خيار الحل السلمي». 

ويعاني السودان من مصاعب اقتصادية، منذ انفصال جنوب السودان عنه، في يوليو/ تموز 2011، بسبب فقدان الخرطوم 75 ٪ من مواردها النفطية، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات العامة، في ظل محدودية الصادرات غير النفطية.
https://taghribnews.com/vdcaeone049nmy1.zkk4.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز