تاريخ النشر2018 16 April ساعة 14:35
رقم : 324843

​لماذا العدوان الثلاثي على سوريا ؟

تنا – خاص
الوقائع الميدانية بعد الهجوم الصاروخي للعدوان الثلاثي (الامريكي البريطاني الفرنسي) على بعض المواقع السورية اثبتت فشل هذا العدوان لانه لم يحقق اي مكسب عسكري وسياسي ، رغم الخسائر المادية التي لحقت لهذه المواقع ، لهذه الدول الثلاثة التي يعبّر عنها الاعلام الغربي بالقوى العظمى .
​لماذا العدوان الثلاثي على سوريا ؟
الولایات المتحدة وبعد الهزائم المتكررة للجماعات الارهابية في سوريا على يد الجيش السوري وحلفائه من محور المقاومة ، تبحث عن تقاسم كيكة الانتصار على الارهاب الذي سجّل باسم سوريا وروسيا وايران وقوى المقاومة فخلقت ذريعة استخدام الحكومة السورية للاسلحة الكيميائية لخلق ظروف لهجوم واسع على سوريا ولتقول للعالم ان هذا الهجوم هو الذي خلص الشعب السوري من الاسلحة الكيماوية . فقد سبق هذا الهجوم الغاشم ادعاءت ترامب بان امريكا ساهمت بشكل كبير في القضاء على تنظيم "داعش" الارهابي ، الادعاء الذي لم يصدقه احد لان الدعم الامريكي لهذا التنظيم اصبح واضحا لكثير من دول العالم .

لم يبقى شك لاي قارئ منصف ان الهدف الرئيسي من التحشيد الارهابي في سوريا والذي جاء بدعم مادي خليجي سعودي وعسكري امريكي غربي صهیونی ، ليس اسقاط  نظام ديكتاتوري ، کما یدعون ، وبسط الديمقراطية لان الجماعات المسلحة التي دعمها الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة تحمل افكار ومنهج متشدد لا يؤمن بالديمقراطية وحرية الرأي ، وهذا ما ثبت من خلال ممارساتهم مع المواطن السوري طيلة سيطرتهم على بعض المحافظات والمدن السورية حيث لم يستطع الشعب السوري ان ينسجم ويؤيد سيرة ونهج هذه الجماعات التكفيرية ، التجربة نفسها مارسها الشعب العراقي مع "داعش" .

اذن ومن خلال هذه الحقيقة نسنتطيع ان نستنتج ان الهجوم الواسع على سوريا كانت له اسباب اخرى غير تلك التي كانوا يدعون بها وهو :

1 – نشر الفكر التكفيري في المنطقة لمواجهة الاسلام السياسي والاسلام الاصيل الوسطي واثارة الكراهية من الاسلام والدين بصورة عامة .

2 – تقسيم سوريا والدول التي تعرضت للارهاب الداعشي الى دويلات طائفية وعرقية .

3 – اساقاط العراق بعد سوريا وتشديد الحصار على ايران ولربما ايجاد حرب مذهبية مع الجمهورية الاسلامية .

4 – مواجهة محور المقاومة وتغيير موازين القوى لصالح المشروع التكفيري الذي تتبناه السعودية والقضاء على حزب الله ان استطاعوا ليعيش الكيان الصهيوني امنا مطمأنا من جيرانه .

5 – وفي النهاية ان لم يستطع تحقيق كل ذلك يستجمع جل قواه لاسقاط الحكومة السورية .

وغير هذه الاهداف هناك هدف اقتصادي مهم وهو الثروة النفطية والغازية لدى سوريا . فقد كانت سوريا تحتل المرتبة الـ43 عالميا عام 2008 في احتياطي الغاز اي بواقع 240 مليارد متر مكعب ، واما في عام 2017 فقد بلغ احتياط الغاز في سوريا 28 الف ملياد متر مكعب واذا تم استخراجه فقد تصبح الثالث عالميا بعد روسيا وايران .

هذه الارقام تثير اطماع الولايات المتحدة لا لكي تستثمر في هذه الحقول وانما للسيطرة عليها وعرقلة تقدم وتطور سوريا ولهذا قامت بايجاد قواعد عسكرية لها على الارض السورية حيث يمكن الجزم ان احدى اهداف هذه القواعد هو اقتصادي الى جانبه السياسي والعسكري .

العدوان الثلاثي
الولايات المتحدة وبعد سبع سنوات من التحشيد الارهابي على سوريا والانفاق الهائل لذلك ، بحاجة لكي تجيب الراي العام الامريكي من جانب والراي العام العالمي ما حصدته من مكاسب سياسية ومادية وعسكرية من هذا الهجوم الواسع الدولي الاقليمي على النظام السوري خاصة بعد ان فقدت العصابات الارهابية معظم معاقلها وبعد ان تحررت معظم المحافظات السورية .

ولهذا السبب ركزت على الغوطة الشرقية ، المنطقة المحاطة بالعاصمة السورية دمشق ، منذ اندلاع الازمة السورية واجمعت نحو 25 الف من اقوى واكبر الجماعات الارهابية اي جيش الاسلام والنصرة وفيلق الرحمن في هذه المنطقة .

فبعد الهزائم المتكررة لم يبقى للامريكان سبيل لاسقاط بشار الاسد الا من خلال الغوطة الشرقية ولذا وبعد تقدم الجيش السوري في هذه المنطقة واجبار الارهابيين للتسليم والخروج امنين من الغوطة اختلق الامريكان وحلفائه الغربيين موضوع الاسلحة الكيماوية لتوجه ضربة قوية للحكومة السورية وتقوية معنويات الجماعات الارهابية المنهارة .

هذه الضربة لربما ستعيد هيبة وسطوة الولايات المتحدة كقوة عظمى التي انهارت بسبب فشل سياسسات في كل من سوريا والعراق ولبنان وافغانستان وفي المواجهة مع ايران ولكي تعوض عن خسائرها المادية والمعنوية في سوريا .

انهاء الازمة السورية وتطهير ارضها من رجس الجماعات الارهابية  في هذه الظروف التي لا زالت القوات الروسية والايرانية ومجاهدي فصائل المقاومة من دول الجوار السوري حاضرة على الارض السورية دون اي تراجع ، يعني ان هذا الانتصار سيثبّت باسم روسیا وایران وفصائل المقاومة . ولهذا فالهجوم الصاروخي جاء انتقاما من النظام السوري بسبب تحالفاته مع ايران وقوى المقاومة دون ان تمس هذه الضربة التواجد الايراني والروسي ومواقع حزب الله لانها كانت تخوف من ردود الفعل القوية التي ستزيد من سقوط هيبة وغطرسة القوة "العظمى" ! الى جانب سقوط اعتبارها السياسي على المستوى العالمي .

الولايات المتحدة على خلاف مع موسكو حول دور الدولتين وبعض الدول الاقليمية في المنطقة وكذلك الملف النووي الايراني وملفات اخرى . ولهذا تسعى الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين من تشديد الضغوط السياسية والاقتصادية على روسيا للانسجام مع سياساتها في المنطقة وكيفية التعامل مع الاتفاق النووي الايراني حيث تصر امريكا على تعديل او الغاء هذا الاتفاق .
 
الغوطة الشرقية كانت احدى المراكز الاستخباراتية للامريكان والصهاينة والانكليز ، ویقال ان بعض الخبراء العسكريين والاستخباراتيين الامريكيين والاسرائيليين والبريطانيين قد قتلوا اثناء عمليات تحرير الغوطة مما اثار غضب وسخط الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين .

الولايات المتحدة ارادت من خلال هذه الضربة ارسال رسالة الى كل من روسيا وايران وسوريا انها باقية في سوريا وتريد الحفاظ على مصالحها وان الحفاظ على امن ومصالح الكيان الصهيوني مهم لديها والتحذير من عدم المساس بالكيان الاسرائيلي .

العامل الاخر يرتبط بالثروة الغازية الهائلة لسوريا والتي جعلت منها ان ترتقي للمرتبة الثالثة عالميا في احتياطي الغاز الذي سيساعد سوريا على تنمية اقتصادها بشكل كبير ولهذا تسعى الولايات المتحدة لكي يكون لها نصيب من هذه الثروة الهائلة .

يبقى عامل تحليب السعودية في هذه الضربة والضربات القادمة المحتملة لان هذا الهجوم جاء بعد ان حلبت الولايات المتحدة مئات المليارات من السعودية حيث خاطب ترمب السعودية بعد الانتهاء من الضربة "اذا اردتم ضربة اخرى عليكم باموال اكثر ".
محمد ابراهيم رياضي
 
 

 
https://taghribnews.com/vdcdoo0ssyt0xj6.422y.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز