تاريخ النشر2015 6 January ساعة 16:13
رقم : 178606

الموانع والدوافع في طريق الوحدة الإسلامية

تنا
إن موضوع الوحدة لم يترك كلياً فقد عمل له المخلصون من أبناء الأمة وحققوا خطوات رائعة وتقارب سليم وأعمالاً ونتائج جيدة، لكن القوى المضادة والمحاربة لذلك قوية جداً وأكثر امكاناً وأعلاما وتحدياً فكانت خطوات التقريب وأن كانت لله تعالي تسير ببطئ وهي .
الموانع والدوافع في طريق الوحدة الإسلامية

الدكتور عبدالامير سليماني
أستاذ في الجامعة الحرة الإسلامية – ايران


مقدمة:
الوحدة هي القوة والضد يعني الضعف والهزل وأن الله سبحانه أكد تأكيداً وجوبيا لتحقيق القوة من خلال الوحدة، وهي حقيقة فطرية وعقلية، فالتفرقة هي الضعف والوحدة هي القوة التي لا يستطيع العدو مجابهتها ولا يتمكن من فلّها وهو ما كان يرهب الأعداء ويقض مضاجعهم لأنها الوسيلة الوحيدة التي تقف أمامهم وتمنع حصولهم على مطامعهم وما يسمونها بالصالح فيعمدوا على تفتيت الوحدة وتفريقها بصور مختلفة وهي أسرع ما يكون لسيطرة الكافر المحتل والمستعمر المستكبر.

إن الاستكبار العالمي يتبع سياسة خاصة في إيجاد أمة متصارعة يأكل بعضهم بعضاً ولتنظر إلى حالها وتنشغل فيه وهمه الأول والأخير تضعيف الدولة والأمة ثم السيطرة عليها.
إن بحثنا هذا لا أبالغ إذا ما قلت هو كمجس الطبيب أذ يستطيع أن يعطي الدواء المناسب.. وبحثنا تشخيص مرض الأمة حتى يعطي العلاج. والحقيقة الأخرى أن المريض حين تشخيص مرضه ولا يعمد على أخذ العلاج فأن المرض يستشري ويقتل صاحبه... والأمة التي تشخص دواءها وتعرف علاجها ولا تفيد منه فأنها تعرض نفسها للخطر والهلاك ويمكن وصفها بكل صفة سلبية تدعو للفرقة.

إن موضوع الوحدة لم يترك كلياً فقد عمل له المخلصون من أبناء الأمة وحققوا خطوات رائعة وتقارب سليم وأعمالاً ونتائج جيدة، لكن القوى المضادة والمحاربة لذلك قوية جداً وأكثر امكاناً وأعلاما وتحدياً فكانت خطوات التقريب وأن كانت لله تعالي تسير ببطئ وهي .

تواجه عواصف عاتية من الأعداء المتنوعين ، ولم تستسلم أبداً بل كانت هذه الحركة الخيرة مؤمنة بمبادئها وثابتة الخطى وأن تحقيق الوحدة والتقريب مسؤولية برقاب المسلمين وعلى رأسهم علماء الأمة وقادتها الحقيقيين.
إننا في هذا البحث المختصر سنستعرض إلى مجموعة مباحث يمكن تثبيتها كالآتي.

المبحث الأول الموانع: وهي تنقسم إلى قسمين:
١ – الموانع الداخلية.. وهذه الموانع مفتعلة ليس لها دليل أو أنها تصدر من أذناب موكلين لأيجاد هذه الموانع. وهي موانع تتمثل في عدة عناوين نذكرها في مبحثها.
٢- الموانع الخارجية: وهذه تتمثل في الاستكبار العالمي الخبيث ومخططاته الشيطانية والعدائية في أيجاد التفرقة .
٣- عدم وجود أعمال مشتركة والتي سنستعرضها في الحديث المفصل عنها.
المبحث الثاني: الدوافع:
وهذه هي الأسس الكفيلة لتحقيق الوحدة والتقارب وتشمل:
١ – الدافع العقائدي.
٢- الدافع الفطري.
٣- الدافع العقلي.
٤- الدافع الأنساني.
٥- دافع الخوف.
وسنختم البحث في خلاصة
المبحث الأول: الموانع في طريق الوحدة الإسلامية
وتقسم الموانع التي تعترض سبيل الوحدة الإسلامية إلى قسمين القسم الأول/ الموانع الداخلية.. وهي موانع أشد وطأة من الموانع الأخرى وتتخلص بما يلي:

١ – الابتعاد عن الخط الإسلامي الأصيل: من المؤسف أن الخط الإسلامي الأصيل بعد الخلافة الراشدة أصبح في خبر كان وانهدمت السيرة الإسلامية والنبوية وتحولت إلى ملك عضوض كالممالك آنذاك الروم والبيزنط والفرس وغيرهم وقد تمثل هذا الانحراف بالحكم الأموي الفاسد الذي أوجد نظريات بعيدة عن الأسلام كنظرية الحاكم وتنصيبه وأطاعته ظالماً كان أو عادلاً أو قاتلاً: أياً يكون فأذا نسب إلى الخليفة عمر بن الخطاب قوله من رأي في انحرافا فليقومه نجد النظرية الأموية ترفع شعار «أطاعة ولي الأمر مهما كان ظالماً أو فاسداً أو عادلاً أو أياً يكون وهي نظرية الرضوخ للحاكم والهروب من الفتنة، فعن احمد بن حنبل عن أبي هريرة «ستكون فتن المضطجع فيها خير من القاعد والقاعد فيها خيرٌ من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي».

وفي حديث عبدالله بن عمر إلى عبدالله بن مطيع حينما كان من أمر الحرة وطلب منه قائلاً «حدث رسول الله فقال: من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له... ويقول ثورتكم باطلة فقال له حتى إن كان يزيد قال حتى وأن كان يزيد بن معاوية. ثم قال من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية».

هذه النظرية التي تحكم في أكثر البلاد الآن قد أوجدت الفكر الوهابي الظلامي الذي وضع بأيد معادية للأسلام لشق عصا المسلمين ومكنوهم من السيطرة في الحجاز وقد شوهوا الأسلام وهدموا مزارات المسلمين وهدموا قبابها ومقابر الصحابة وأهل البيت في البقيع وقبتي ابوي النبي(ص) عبدالله وآمنة وأجداده وأعمامه وأمهات المؤمنين وحواء أم البشر وقباب النبي(ص) وأثاروا الشبهات الكثيرة ضد الإسلام بتحريم الاحتفال بميلاد النبي(ص) وغيرها كثير. وقد أوجد هذا الفكر الدخيل أزمات وأنقسامات وأفتراقات كثيرة جداً. كل ذلك على يد محمد بن عبدالوهاب (١١١١هـ - ١٢٠٧هـ).
إن هذه النظرية ومع الاسف يتربى الناس عليها فتشوه الصورة الناصعة والحقيقية للإسلام. هذه النظرية لا تزال تحكم في الدول الدكتاتورية المغلفة باسم الإسلام و التي تملك مصادر الثروة وان وراثة السياسة الأموية هي كارثة للاسلام وللمسلمين وتعتبر سداً منيعاً في التقدم الإسلامي.

٢- الانفصال بين الأمة والدولة ؛ وهذا عامل مهم حيث أن الحكام بعيدين عن الشعوب كلياً. وأن الحكم لم يات من أرادة الأمة بل مفروض عليها والأمة مكبلة ومقيدة لا تقوى على شيء. والحكام المفروضين لا يقر لهم قرار ولا يحافظون على كراسيهم بوجود الوحدة. بل بأشغال الأمة مع نفسها وتفرقها لأن اجتماع الأمة على كلمة واحدة يرهب الحاكم ويقلقه. والواقع شاهد على ذلك إذ لا توجد دولة إسلامية وعربية إلا والنزاعات قائمة على قدم وساق.

٣- الجو السياسي والدكتاتوريات
وتغذية الخلافات. وهذه النقطة تكلمة للأولى ومرتبطة بها حيث تكم الافواه وتقيد المعاصم وتمتع الأصوات حتى يحلو للحاكم الأوحد أن يعمل ما يشاء ويبذر الأموال ويشتري الذمم والصحف ليطبل له أنه هو ولا غيره المنقذ، و.. ويعمل بصورة أو بأخرى بأوامر المخابرات الدولية لا سيما CIA لايجاد بؤر خلافات وأشعال حروب ما بين الجوار أو حتى حروباً داخلية لتحقيق مصلحة الاستكبار ومنافعه وادامة الكرسي المشئوم.

ولهذه النقطة مصاديق كثيرة وعديدة إذ نرى بؤراً خلقها الاستعمار لاسيما البريطاني الخبيث وكذلك الفرنسي والأمريكي ـ منذ قرن وأكثر و لاتزال مشتعلة حتى هذا اليوم. كحكم البعث في العراق في النصف الأخير من القرن السابق وحكم ال سعود وال ثاني و.. ويبقى الشعب ذليلاً. الأجنبي أحق منه في وطنه.

٤- انتشار وخلق الحركات الجديدة بمختلف العناوين والأهداف والشعارات الزائفة لتوجيه أنظار المسلمين إلى ما تقوم به هذه الحركات كما خلقت الوهابية في الحجاز على يد المخابرات البريطانية وتجنيد أعضاء هذه الحركة لمحاربة الإسلام وتشويه مبادئه السامية والتي فرضت ما يسمى طالبان والقاعدة وجند الشيطان وهيئة النصرة وأسماء غريبة على المجتمع الاسلامي وتمول بالدولار النفطي وكأن الله أنعم على بلاد النفط لتحول هذه الحركات الهدامة التابعة للصهاينة بكل فتاواها وأعمالها وحركاتها.. بعد غسل أدمغة الكثير من المغفلين حتى يصيروا كالنعجة يفجرون الأطفال والنساء والرجال بلا حياء ولا أحساس أنساني قط. وهي الطامة الكبرى التي عبثت في البلاد وعملت ما عملت أفتى أحدهم بحرمة الانتخابات وهي أول عمل قام به المهاجرون في انتخاب الخليفة الأول في السقيفة.
كذلك حركات أخرى كالبهائية والقادانية واللادينية وغيرها وأن الوهابية كانت السند الحقيقي للحركات الأفراخ في مختلف البلاد إلا من اسرائيل ومؤيديها.

٥- الحدود الشائكة في تعسير اللقاء بين الشعوب. فأنت عربي لا تستطيع السفر إلى أي بلد عربي بسهولة وربما تكون محال. لدى بحث منذ خمس سنوات احتاج السفر إلى القاهرة لم استطع بسبب صعوبة التأشيرة وتحقيقات المطار. الأمريكي واليهودي الاسرائيلي و.. بكل سهولة يصل إلى أي نقطة في الوطن العربي أما العربي فعليه خط أحمر، وهذا مما أدى إلى وجود ضعف بالغ في قضايا التعاون بين الشعوب المسلمة المتعطشة بعضها للبعض الآخر.

٦- مع الأسف الشديد وأقولها بشدة أن الاستعمار البريطاني البغيض هو الذي وضع أكثر مناهج الدراسة للجامعات والمدارس والتربية والثقافة.. ولذا فقد أجرم بحق الأمة، سواء في مناهج الجامعات أو المدارس. إذ وضع خطوطاً حمراء في تدريس فقه أهل البيت بحجة أنه فقه ثورى أو هذا فكر الرافضة. أو ما أشبه ذلك. بل وجدنا المدارس الدينية كالحوارات العلمية ومدارسها لم تنفتح بعضها على بعض بل أصبحت منغلقة على بعضها. لا توجد هناك زيارات أو دراسات للفقه الآخر والتعرف عليه عن كثب في الدراسة والتحقيق والبحث. مما عند الآخر.
إن اغفال هذه النقطة والتعامل بمجاملات اكدت الفرقة الإسلامية، وأذا ما عرضنا التغذية لها فأنك تتعجب حول ذلك.

٧- الحج هو مظاهرة سنوية وملتقى جميع المسلمين من أقاصي الأرض. لا تتحقق فيه هذه الفوائد المتمثلة بالمحبة والألفة والاعتصام والتعارف والتفاهم والتعاون والتآزر.. بل يفرغ الحج من اسمى أهدافه التي هي تحقيق مؤتمر سنوي لبحث مشاكل المسلمين على اختلاف أماكن سكناهم وتحت أي نظام سياسي يعيشون اضافة إلى أن القائمين عليه يضعون قالباً للأداء لهذه الشعائر، والخروج عنها خروج عن النظام، ونسينا أعمال رسول الله في الحج.

المسلمون يضيعون هذه المناسبة بأمور مختلفة أقل نفعاً كمن يترك الأسس والأمور المهمة وينشغل في الأمور الجانبية، ولقد شاهدت بعض الحجاج يخاف من النظام الحاكم المضيف من جهة ومن نظامهم عند رجوعهم إلى بلدانهم فتراهم كالقوالب المجهدة. لا يفكر ولو دقائق في أيجابية الحج وفوائده ونتائجه.. بل اكثر من ذلك يقوم علماء السوء بأصدار الفتاوى المثبطة والتي تتعارض مع جوهر الحج ولبه، ومرسلة مرسلت بدون حساب أو كتاب. إن المضحك قبل أيام أفتى أحدهم الشخص سأله قائلاً أني حججت بأسم. وبعد ذلك غيرت اسمي إلى اسم آخر.. فقال له حجك الأول مع رسمك الأول. ويجب عليك حجة جديدة.

٨- الأعلام المسموم الذي تسيره المصالح الصهيونية والأمريكية والغربية من أجل الأيقاع بين المسلمين عموماً وزرع الفرقة التي هي سلاح عدو الإسلام منذ زمان، وتجذير هذه التفرقة وتقويتها لتثير العداوات وايجاد أحقاد جديدة وتعكير النفوس مع بعضها البعض. وهذا الإعلام حقيقة كالسم الزعاف، وله آثار كبيرة.

آ – خلق الشك العميق في ارساء وحدة بين المسلمين.
ب – أبعاد الأمة عن أهدافها الرسالية الحقيقية وأرساء الأكاذيب والأفتراءات التي لم تكن من الإسلام في يوم من الأيام.
د – توجيه الامة لهذا الأعلام المفتري وعدم الأصغاء إلى علماء الدين وقادة الأمة الذين يبينون حقيقة الدين وأهدافه ومبادئه التي بني عليها وأهمها وحدة الكلمة ووحدة الصف.
د – جعل هذا الأعلام منبراً للمارقين وأنصاف العلماء في تحرير ما يسمى بفتاوى مفرقة تصدرها دوائر المخابرات العالمية عن بعد. وينمقون هذه المطالب. التي ليس هي من خلق الإسلام، الذي شعاره. أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن. ثم الآية الكريم وبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فضاً غليظ القلب لأنفضوا من حولك.

إن هذه الفضائيات المزيفة بأسم الإسلام والإسلام براء منها ما هي إلا قنوات مأجورة دفع لها التمويل وجند لها ممن باعوا الضمير وأسودت قلوبهم من المعاصي، فتحادوا في غيهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

٩- الفكر التكفيري المستورد من الصهيونية العالمية والمثبت بأجندات واضح هدفها. وإلا مَنْ من البشر من يعتبر قتل النساء والأطفال والشيوخ والصالحين وتدمير المال العام ودور العبادة وبيوت الناس ومحل سكناهم وأرزاقهم جهاداً أمر به الدين؟ أي جهاد هذا الذي يتشدقون به؟ إنها أيدي صهيونية خططت ونفذت على أوباش جهال لم يفهموا الحياة ولا الانسانية.

١٠- عدم التلاق بين المسلمين وعدم الأجابة للدعوات الخيرة من الناس الأوفياء لدينهم وركوب الموجة حتى لا تبين عوراته وتكشف سوآتهم ويفضح أمرهم وتقشع الأحجبة والغشاوة
عن العيون، هؤلاء الذين أختاروا الدنيا على الآخرة وكأنما الآية (إنما الدار الدنيا لهي الحيوان) استغفر الله سبحانه.
في أي دنيا يقتل الناس على الهوية؟ إلا في المجتمعات الدكتاتورية والمتوحشة والبعيدة عن الانسانية، وتلك المجتمعات التي لا تمت إلى دين سماوي.

١١- عوامل نفسية نتيجة تراكمات وهمية لدى الكثير من المسلمين ممن بقي مقلداً العصور السالفة والأحداث السياسية الغابرة التي لم تكن إلا حوادث وقتها بسبب عوامل وقتية تخضع إلى يومها. كما أن التقليد اللاواعي لبعض الحاقدين والمرضى من أصحاب المصالح الذاتية أيضاً له أثر بالغ في هذه الحالة، ولم يرع ما يجري اليوم على ساحة الكرة الأرضية.

١٢- سياسة الكذب والخداع والأفتراء المعتمدة لدى الكثير في إلصاق تهم وادعاءات ليس لها أي شيء من الصحة بل هي أفتراءت يتشبث بها دعاة التفرقة المغرضين وممن حسبوا على الإسلام والإسلام براء منهم. وعلى سبيل المثال، تحريف القرآن أو قرآن فاطمة، والواقع لا يقر بذلك أطلاقاً، فلا يوجد لفاطمة قرآن سوى ما ذكر من أملاءات أملاها الرسول(ص) على بضعة بنته فاطمة عليها السلام التي أحبها المسلمون جميعاً بلا خلاف ولا أثر لهذا القرآن المدعى، بل هو ارث كان عند أولادها ولم يشاهده أحد أطلاقاً.

أما أمر التحريف فهي روايات مدسوسة لدى الطرفين من المسلمين، ولا يعترف بها الطرفان وليس لها مصداق على الأٍرض، وأما مسألة السب فهي ما سنه معاوية بن أبي سفيان الأموي في سب أمير المؤمنين علي (عليه السلام) واستمر عقوداً من الزمن بحيث وصل الحال إلى أعتبار علي بن أبي طالب (عليه السلام) لا يصلي وكافر مما جعل الخوارج يفتون بقتله وتخليص المسلمين منه (عليه السلام) وهو ما نفذ على يد الخارجي عبدالرحمن بن ملجم المراوي الشقي في ضربه الامام علي(ع) وهو ساجد في صلاة الفجر في مسجد الكوفة.

وبطبيعة الحال فأن سياسة معاوية المخالفة للإسلام أثارت لدى شيعة على (ع) ردة فعل فردوا على سبه رغم ملاحقة أصحاب علي(ع) وقتلهم ومطاردتهم. وهي أمور ذهبت بزمانها. ومثيرها مغرض لا شائبة عليه ومن هناك من يفضل معاوية بن أبي سفيان على آل رسول الله وخاصته وممن لا تقبل الصلاة إلا بالصلاة عليهم كما في قول الأمام محمد بن ادريس الشافعي(ره) بقوله.

يا آل بيت رسول الله حبكـم فــرض من الله في القرآن انزله
كفاكم من عظيم الشأن أنكـم من لم يصلي عليكم لا صلاة له

١٣- العمالة المخفية المرتبطة بالصهيونية العالمية التي كشرت عنها أنياب الغرب بعد سقوط الاتحاد السوفيتي السابق جاء على لسان تاتشر. رئيسة وزراء بريطانيا. ورئيس الولايات المتحدة بوش الأب وصحف أمريكية ويهودية وكذلك أعمال الحركات الصهيونية التي تطالعنا كل يوم من رسوم كريكاتورية سيئة أو أفلام أو حرق للقرآن يقوم به الغرب المعادي للإسلام.

القسم الثاني/ الموانع الخارجية
وهذه الموانع يمكن تلخيصها بما يلي :
١ – سياسة الاستكبار العالمي المعتمدة على سياسة فرق تسد وهي سياسة قديمة جداً منذ أن رفع وزير المستعمرات البريطاني اللورد كلادستون القرآن الكريم في مجلس اللوردات البريطاني ذاكراً كلمته المشهورة «ما دام هذا الكتاب بين ظهراني المسلمين فلا نستطيع عليهم » أيام الحرب العالمية الأولى. وهم الذين بثوا الفرقة في كل البلاد التي استعمروها ونهبوا خيراتها إلى يومنا هذا.. ولعمري أن من فرق وعمل على أبعاد المسلمين بعضهم عن بعض ما هو إلا من أتباع هذا اليهودي المقبور... وأمثاله بلفورد صاحب الوعد لليهود في بناء وطن لهم عام ١٩١٧ وغيرهم.

إن تغذية الاستكبار لسياسة التفرقة وتنميتها وتطورها بشكل وصلت إلى فتاوى التكفير الوهابي والتفجيرات الظالمة وظهور ما يسمى بالقاعدة والحركات الأرهابية ودعم الحكومات الدكتاتورية لها وفتح المكاتب لها ومساعدتها رغم أنها سند كبير للصهيونية وإسرائيل ، ما هي إلا ثمرات الاستكبار والمخابرات الدولية ومساعدة الحكومات البغيضة. وأن كل من يريد ان يتعمق بذلك فليذهب إلى جذور هذه الحركات من طالبان والمعترفين بها كدولة( ). وأفراخهم من القاعدة وجنود الضلال وغيرهم ممن رفعوا شعار الإسلام والجهاد كذباً وزوراً وهم يعيشون في كل جهة في أسيا وأفريقيا... وإسرائيل تدعو لهم كل يوم بالقوة والنصر.

٢- الخوف من الإسلام: وهذا العامل الآخر من العوامل الخارجية حيث أن الغرب بكل قسميه الشرقي والغربي يحسب للاسلام ألف حساب ويخاف منه بشدة لما عرف عنه وعن تاريخه. وأن مجيء الإسلام كقوة عظمى يعني نهاية الغرب لا محال وإلقائه بالجحيم إذا ما بقي على هذه السياسة.. ولدينا تاريخ طويل في هذه الصورة بدء منه أعمال المستشرقين والمغتربين وأعمال الماسونية البغيضة والأحزاب والحركات المرتبطة بالغرب وأفكارهم وحركات تحرر المرأة الكاذبة وسياسات الأفساد ومساعدة الظلمة والعملاء والازدواجية باتخاذ القرارات كما نشاهد الآن في مواقف الغرب من حركات التحرير في البحرين وحزب الله في لبنان وفي فلسطين والفلبين. وفي شمال أفريقيا وآسيا. وغيرها. حيث يعتبرون الفلسطيني إرهابي والأسرائيلي مظلوم يناصره بذلك العملاء الأرجاس وحزب الله حركة أرهابية ضد الشعوب وإسرائيل الغاصبة دولة الحرية والديمقراطية ... الخ.

٣- تاريخ غابر وسياسات سالفة بقيت آثارها حتى اليوم حين سيطرت على بلاد المسلمين وبأسم الإسلام وفتكت بالمسلمين أي فتك وفرقت وبثت العداوات وقلبت المذاهب وبدلت وغيرت بالقوة والحديد والقتل والأرهاب وسقط الشهداء وترملت النساء وتيتم الأطفال وانتهكت الحرمات. كما حدث في سيطرة الدولة العثمانية التي كانت فترتها فترة مظلمة سوداء استمرت ما ينيف على الأربع قرون، وقبلهم المغول وقبلهم الأيوبيون والصليبيون، حيث سياسة التفريق وقتل كل من لا يتبع مذاهبهم وهناك الشهداء الكبار الذين سقطوا على أيديهم سواء في أسقاط الحكومات الفاطمية وحرق الكتب والتراث الإسلامي في مصر وهدم آثار الفراعنة والأهرامات وسلامة ثلاثة أهرامات من عمل الأيوبيين لعدم قدرتهم على هدمها إلى أعمال العثمانيين الجهلاء الذين لا يعرفون إلا الأتاوة والضرائب وسحب الشباب للخدمة في جيوشهم .

المبحث الثاني: الدوافع في الوحدة الإسلامية
لقد أكد الإسلام
كثيراً على الوحدة الإسلامية وجعلها من مبادئ عقيدة الإنسان. ووردت آيات عديدة وكثيرة تأكد على هذه الحقيقة كآية الاعتصام (واعتصموا بحبل الله...).
آية إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فأعبدون..)
وآية الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة...)
وآية محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم..)
وآية يا أيها الذين آمنوا أتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون..)
وآيات ....
كما ذكرت أحاديث عديدة. كقوله (صلى الله عليه وآله): «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم... الخ».
ـ «المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا».

وكما أن هذه الأمور في القرآن والحديث فأن الفطرة الإنسانية لا ترتضي غير الوحدة الإسلامية. ولذا يقول الشاعر
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً وأذا افترقن تكسرت آحــــادا
إذ أن المنطق والواقع يصران على أن الوحدة ايجابية والفرقة سلبية لا محال وبالتالي فأننا في هذه العجالة نتطرق إلى أهم النقاط الدافعة نحو الوحدة والمشجعة عليها.

أولاً/ الدافع العقائدي أو ما نسميه دافع العقيدة الإسلامية نفسها تعمل على تأكيد الوحدة الإسلامية بل وأعطت أمتيازات وثواب عظيم لمن يمارس شعاراً من شعارات الوحدة الإسلامية، مثل.

١ – صلاة الجماعة صورة واضحة وعمل صريح لتأكيد القوة والوحدة.
٢ – أعمال الحج الأمر الآخر الذي يجسد تجسيداً واقعياً صورة الوحدة. فتجمع جميع المسلمين في وقت واحد ومكان واحد ومحل واحد ولباس واحد ونيات واحدة.. الخ
٣ – العبادات الأخرى كالصوم حيث الأمساك في وقت واحد والصوم في يوم واحد والأفطار في وقت واحد والمفطرات نفسها كذلك الزكاة.
٤- الجهاد واحد لدى المسلمين الصادقين المتمسكين بالله ورسوله. وليس هناك أجمل من الكلمة الرائعة التي قالها الرسول الأعظم لتلميذه الوفي وأخيه ووصيه الأمام أمير المؤمنين علي بن أبي الطالب (ع) حينما سأل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: عظني يا رسول الله: فقال له الرسول «قل ربي الله ثم استقم» أذن المسلم يعمل في طريق الاستقامة «فأستقم كما أمرت» و«أياك نبعد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم».
٥- جميع العبادات هي صورة حقه للوحدة والاتحاد. فالمعروف إن كل العبادات تحتاج إلى «نية القربة لله تعالى» لتخرجه من دائرة الرياء. وتحتاج إلى الطهارة وصفاء الانسان وتعلقه بربه فلا يحمل حقداً وغيضاً على كل الناس فضلاً عن اخيه المسلم وهذا ما يدفع الأنسان لأن يتفقد أخيه المسلم الذي شهد الشهادتين.

ثانيا/ الدوافع الفطري أو ما نسميه الطبيعة الأنسانية
حيث تهفو الطبيعة الأنسانية نحو أمتلاك القوة والقدرة والمنعة والعزة والحرية والاعتماد على النفس... وهذا لا يتأتى إلا عن طريق الوحدة والأتحاد ونرى الخطاب القرآني يخاطب الجماعة «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم» ونحن نلاحظ الآن العالم يتألف من تكتلات وقوى حقيقية كالأتحاد الأوربي والاتحاد الاسيوي و.. الخ أما لم نجد الاتحاد الإسلامي حتى الاتحادات المهنية وغير ذلك.

الكل يتحرك نحو القوة وكسب القوة.. والقوة لا تأتي إلا عن طريق الوحدة وبدونها تنتهك الحرمات وتفتقد ولم يفتح المسلمون العالم الا بالوحدة.. ألم يشترك الحسنان سبطا رسول الله في معارك الإسلام ضد الفرس في زمان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رض).

ثالثاً/ دافع الخوف من جهة وصد الأعداء للأسلام والمسلمين وانتهاز الفرص المناسبة لضرب المسلمين ضربة قاضية ، لأن الاستكبار العالمي لا يزال يحن إلى الاستعمار المباشر والسيطرة على مصادر الطاقة وكذلك السيطرة على التجارة ومسك التصدير للدول الإسلامية، وبقاء هذه الدول دولاً استهلاكية.

رابعاً/ الدافع العقلي. وهو دافع خارج عن نطاق العقيدة بل يقتضي الحال والقتل من تحقيق القوة والوحدة للحفاظ على المصالح والمنفعة الذاتية وبدونها لا يمكن تحقيق ذلك، ولا تحقيق العزة التي يبتغيها كل من ينتمي إلى الجنس الأنساني.

ولعل هذا الواقع له تأثير ذاتي كما للدافع العقائدي ويتناسب هذا العامل تناسباً طردياً مع بُعد الانسان وقربه من الشرائع الألهية التي تؤكد ذلك وتعمل هذه الأديان الالهية على تحرير العقل من السيطرة وأطلاقه حراً قابلاً للتفكير بحرية وتحقيق الأبداع بعيداً عن التضليل والتزوير، حيث أن الأديان تعمل على المحافظة على القيم الأنسانية السامية المحاربة للعبودية والفرقة وأعمال الظلم والأرهاب والباطل. علماً بأن الأديان كلها بينها وحدة ترتبط بنشر التوحيد والعدل وتاكيد الوحدة بين بني البشر.

لعل هناك دوافع أخرى نحو الألتزام بالوحدة الأسلامية بين المسلمين، إذ كل ما يرفضه العقل وكل ما يجذبه هو المفيد.
طرق عملية في طريق الوحدة
أذا أردنا حقيقة نتحدث حول الوحدة الإسلامية ونخطوا خطوات عملية بعيداً عن المجاملات والتعارفات غير النافعة يجب :
١ – أصدار فتاوى مشتركة من علماء المسلمين على اختلاف مذاهبهم حول قضايا مختلفة عن طريق الوسائل المختلفة وبثها بوسائل الأعلام لا سيما القضايا الحساسة والمختلف عليها أو المكذوب عليها أو الاشاعات المؤثرة في المجتمع بعيداً عن الطائفية وما يغاير الحقيقة ومن أكابر علماء المسلمين المحترمين.

٢ – أجراء الاحتفالات المشتركة في المناسبات الأسلامية المتفق عليها كالمولد النبوي الشريف والمبعث النبوي الشريف والأعياد الإسلامية كالأضحى والفطر وحتى عاشوراء التي كانت من أجل الإنسانية ولا تختص بالشيعة وحسب.

٣- التدريس عن طريق ايفاد وتبادل أساتذه أو مدرسين بين الحوزات العلمية الأسلامية والجامعات والدراسات العالية، مما يقرب القلوب قبل الأفكار.

٤- البحوث والدراسات والتحقيقات المشتركة لها آثار بالغة عند صدور هذه البحوث بأسماء مشتركة وفي موضوعات حساسة ذات خصائص تحتاج إلى توضيح سواء تاريخية أو فقهية أو تفسيرية وما إلى غير ذلك.

٥- أقامة مؤتمرات فعالة ومشاركة الجماهير في ذلك عن طريق الحضور على الأقل في هذه المؤتمرات الخلاف الحقيقي بين المذاهب.

٦- نشر ثقافة التقريب والوحدة الأسلامية بأصدار مجلات أو صحف مشتركة في موضوعات مختلفة ومهمة وبالعمق الذي تترقبه الجماهير. وفي الحقيقة هذه النقطة مهمة جداً بأعتبار ثقافة الجماهير هي الأهم وأن الوحدة تنطلق من هذه الشريحة في الأمة.
https://taghribnews.com/vdchv6nz-23nq-d.4tt2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز