تاريخ النشر2012 9 July ساعة 14:42
رقم : 101312

العلمانيون يتخلّون عن الجيش الإسرائيلي

تنا - بيروت
فرض الخدمة العسكرية في جيش العدو وتداعيات الفكرة على الداخل الاسرائيلي.
العلمانيون يتخلّون عن الجيش الإسرائيلي
تعالوا نفترض أنه في مكان ما تعمل مجموعة سرية ترمي الى توجيه برنامج العمل السياسي بحيث يتم تحطيم ما يسمى "جيش الشعب". ان هذه المجموعة لو وجدت تحتفل الآن بمقدمات انجازاتها. ان طلب الخدمة العسكرية للجميع وتقاسم العبء في ظاهر الامر تعبير عن ثقافة عسكرية. وهذا الطلب من زاوية مختلفة يُجسد تراجع العسكرية الثقافية في اسرائيل.

الى ثمانينات القرن الماضي كانت الطبقة الوسطى
العلمانية ترى الجيش حصنا بل ملكا جماعيا. ومنحت المساهمة العسكرية هذه الطبقة المجد. وسوّغت انجازاتها المادية والرمزية وتفوقها على مجموعات اخرى، وجعلتها تُعرّف بأنها طبقة "تبني أمة"، وجُندت بلا شرط للحرب الدائمة مع اغماض العين عن خيارات سياسية أخرى.

لهذا لم تُظهر هذه الطبقة اهتماما خاصا باقصاء مجموعات اخرى – الاقصاء التام للعرب والحريديين والاقصاء الجزئي وبخاصة عن النواة المحاربة في الجيش للمتدينين واليهود الشرقيين والنساء. وكانت الخدمة العسكرية تُرى ذخرا يؤتي ربحا جيدا للمتمسكين بها ولم تكن تُرى عبئا. ولم
يكن ابعاد مجموعات مختلفة يُرى انه يُثقل العبء بل كان يُرى انه يُبعد "الآخرين" عن الحلبة التي تُصاغ فيها الانتماء الاسرائيلي السليم.

وهكذا الحال ايضا في جيوش اخرى في العالم حيث عملت مجموعات كثيرة على أن تُقصي عن الجيش ولا سيما ذاك الذي يعتمد على التجنيد الالزامي، مجموعات أقليات ونساء لمنع تغيير صبغة الجيش وهي صبغة كانت تتماهى ورموز مجموعة الأكثرية، ولمنع التقسيم من جديد لموارد المجتمع لأن مجموعات الأقليات تستطيع ان تطلب جزءا أكبر لخدمتها العسكرية. ولم تؤدِ اعتبارات تقاسم العبء دورا. وتصبح هذه الاعتبارات ذات شأن حينما تبتعد مجموعة الأكثرية فقط عن الجيش ويضعف تمسكها به حينما تشعر بأن الفائدة من خدمتها العسكرية أخذت تقل.

هذا
ما حدث للطبقة الوسطى العلمانية في اسرائيل منذ ثمانينات القرن الماضي لاسباب شتى المركزي منها هو تحوّل المجتمع في اسرائيل ليصبح مجتمع سوق. وفي الوقت نفسه عززت المجموعات المُقصاة بالتدريج اقترابها من الحقوق، وكان ذلك مفصولاً عن امتحان الخدمة العسكرية. آنذاك بدأ مصطلح "تقاسم العبء" يُسمع في الخطاب العام.

من وجهة نظر الطبقة الوسطى العلمانية، اذا كانت الخدمة العسكرية عبئا لا كنزا فينبغي ان يشارك فيها آخرون ايضا. وآنذاك سُمع طلب تجنيد الحريديين، والعرب ايضا بالتدريج. وذلك الى جانب جهود كثيرين من هذه المجموعة للحصول على اعفاء شخصي والابتعاد في الأساس عن الخدمة القتالية التي تشتمل الخدمة الاحتياطية ايضا.

هذا
تراجع للثقافة العسكرية في اسرائيل. فالمجموعة التي لا تزال تملك كثيرا من موارد القوة تحاول ان تُبعد نفسها عن الجيش وان تعرضه كعبء حتى لو كان ثمن ذلك تغييرا ذا شأن لصورته بحيث يُصاغ ليصبح "جيش ضواحي" الأمس. ان طلب تقاسم العبء ليس عسكريا اذا وبخاصة انه لا يختلف عن طلبات اخرى تطالب بتقاسم العبء تنشأ عن روح السوق مثل العبء الضريبي.

بل ان طلب تقاسم العبء يؤخر الثقافة العسكرية أكثر. ان الطلب الذي لا هوادة فيه لتجنيد العرب والأقليات قسرا سيفضي الى انهيار نموذج التجنيد الالزامي. وذلك اذا فشل الاجبار وأصبح العبء الملقى على عدد من السكان أقل شرعية مما كان في الماضي، بل وحتى لو كان الاجبار ناجعا. ان روح الجيش الاسرائيلي واضحة عند العسكرية الاسرائيلية، كانت في ان الجنود يُدعون الى الخدمة الالزامية لكنهم يأتون كمتطوعين. 


المصدر: صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية – يغيل ليفي 
https://taghribnews.com/vdchzznzi23nvxd.4tt2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز